مهنة التعليم تفوق كل المهن في مردودها المعنوي قبل المادي، ومن أحسنها نال ما يتمناه -بإذن الله- من أجر وأداء واجب وطني وفرحة الإنتاج عندما يرى الطلاب والطالبات الذين شارك في تعليمهم يتخرجون ويواصلون مسيرتهم في الحياة بنجاح وتفوق، ويذكرون من شارك في تربيتهم وتعليمهم بالخير.
الدول المتفوقة وصلت من خلال التعليم، ولم تكتفِ بنجاحها، بل إنها تسعى على الدوام لملاحقة المستجدات من خلال التعليم، ولا يوجد في العالم دولة متفوقة أغفلت العناية بالتعليم من جوانبه المادية والبيئية كافة، ولانتقائه لمن يدير ويخطط ويتابع التنفيذ.
وملحمة التعليم في المملكة العربية السعودية تعد من أبرز الأمثلة الحية التي يُشار إليها بالبنان، رغم كل ما تعرضت له من تأخُّر في إنشاء المدارس وتهيئة المعلم والبطء في تحديث المناهج، يُصاحب ذلك إنفاق سخي من الدولة، إلا أن التخطيط لم يكن في مستوى الطموح والتطلعات التي فرضتها عوامل النماء السكاني، والطفرات الاقتصادية السريعة التي شاركت في تراكم المعضلات التي يعاني منها التعليم في الوقت الراهن.
والتعليم كما هو معلوم يحتاج لرؤية موحدة واستراتيجية شاملة وتفرغ كامل وتفاني صادق وخبرة مبنية على الإتقان وحب للعملية التعليمية في المقام الأول، وتوفر الإمكانات التربوية لدى الأشخاص الموكل إليهم إدارته، وهذا ما تتطلبه رسالة التعليم من الذين تناط بهم تلك المسؤولية.
والمفقود في مجتمعنا علاقة البيت بالمدرسة وانعدام الهيبة والاحترام للمدرسة والمعلم، وهذا الشأن يُشكِّل خللًا تربويًا ويُسبِّب عواقب سلبية ومخرجات دون المستوى المطلوب في مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي بصفة عامة.
قد يكون من أحد الأسباب مركزية القرار، وعدم وجود مرونة وصلاحيات لدى مديري التعليم في المناطق، وخلق نوع من التنافس بينها في الأداء والانضباط والتفوق الطلابي.
وقد يكون السبب في كيفية اختيار القيادات التعليمية، يُضاف إلى ذلك عدم إعطائها الصلاحيات اللازمة التي تُمكِّنها من العمل والإبداع في مجال تخصصها التربوي.
ورغم أن البعض يتذرع بعدم وجود الموارد المالية الكافية لتمكين الوزارة من تلبية كل الاحتياجات والنهوض بمستوى تعليمي كما ينبغي، إلا أن هذه العوامل مجتمعة وضعت التعليم في مأزق، وأصبح اللوم منصبًّا على المعلم بما له وما عليه.
والشائع أن الكادر الوظيفي للمعلم أفضل بكثير من غيره في نظام الخدمة المدنية، ولكن سلبيات الطفرات التنموية التي مر بها مجتمعنا أحدثت تفاوت في الدخل، وخلقت جوًا من عدم الرضا بالراتب، نتج عنه البحث عن مصادر أخرى، مثل الانشغال بالأعمال الحرة، والاتجار في العقار على حساب التركيز على الواجب الوظيفي، وبخاصة التعليم الذي يحتاج لجهد ووقت وتفانٍ، وساعات أطول للتحضير والتصحيح... وغير ذلك من متطلبات الأنشطة المدرسية.
ومن المعلوم أيضًا أن الصعوبات التي مرت بها الوزارة - سبَّبت عدم قدرتها في الماضي على تصحيح أوضاع أعداد كبيرة من المعلمين والمعلمات- أثرت على معنويات الكوادر التعليمية المتضررة، والتي يفترض أن الوفرة المالية الحالية ساعدت على حلها، ولكن آثارها ما زالت من السلبيات التي يعاني منها التعليم بصفة خاصة!
بدأت في كتابة المقال قبل الاطلاع على مقال الكاتبة المتميزة بدرية البشر في 23 مارس بجريدة الحياة عن التعليم، التي أوردت فيه إحصاءات كثيرة تستحق المراجعة والوقوف عليها، لأن المعلم جزء من كل في العملية التعليمية، وهناك جوانب أخرى عليها مسؤولية أيضًا.
المعلم.. مواطن وموظف ورب أسرة
تاريخ النشر: 28 مارس 2013 00:23 KSA
مهنة التعليم تفوق كل المهن في مردودها المعنوي قبل المادي، ومن أحسنها نال ما يتمناه -بإذن الله- من أجر وأداء واجب وطني وفرحة الإنتاج عندما يرى الطلاب والطالبات الذين شارك في تعليمهم يتخرجون ويواصلون مس
A A