Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لن تحل قضية سوق العمل بمطاردة العمالة الوافدة

الحملات المتتالية ضد العمالة غير النظامية لن تؤدي إلى حل قضية البطالة، بل على العكس تصيب الاقتصاد بالضرر، وتبطئ عجلة النمو..

A A
الحملات المتتالية ضد العمالة غير النظامية لن تؤدي إلى حل قضية البطالة، بل على العكس تصيب الاقتصاد بالضرر، وتبطئ عجلة النمو.. القرار الأخير بملاحقة العمالة (النظامية) التي تعمل لدى (كفيل) غير من هي على (كفالته) يضيف أعباء اقتصادية على البلاد، إذ أن (النظام) الذي كان مطبقًا ومقبولًا (بإعارة) المؤسسات لعمالتها كان منطقيًا وعمليًا..
فمن يأتي بعمالة لتنفيذ مشروع، ويتوقع تنفيذ مشروع آخر بعد فترة زمنية معقولة لا يضيره، ولا يضير سوق العمل أن ينتقل هؤلاء العاملون للعمل مؤقتًا لدى طــرف آخـــر حتى يحين استعادة (الكفيل) للعمالة (مكفولية).. وكان يمكن لإضافــــة بنــود بسيطة على نــظـــام (الإعارة) أن يؤدي إلى تخفيف أي (مضار) لهذا النظام.
أما الحملة، التي تبرّأ منها بداية كل الأطراف المعنية، وصاحبتها شائعات مخيفة، فقد جرى إخراجها بشكل أرعب الضيف والمواطن، وتعطلت نتيجة لها مصالح كثيرة وأصيب اقتصاد البلاد بشلل جزئي كاد يتطور إلى أضرار دائمة لولا مسارعة الجهات المعنية إلى الحد من غلو تلك الحملة..
وعسى أن نجد، من الجهات الرسمية أو ربما الهيئات الاقتصادية كالغرف التجارية أو الهيئات البحثية في الجامعات، اهتمامًا بتوثيق النتائج الاقتصادية والخسائر التي تسببت بها الحملة التي شنتها أطراف (قيل إنها مجهولة) ضد العمالة الوافدة، حتى يمكن للمعنيين ألا يتسرعوا في الإضرار باقتصاد بلادهم.
وفي كل الأحوال فإن وزير العمل لا يستطيع حل قضية الاستقدام، ولا معالجة البطالة، لوحده.. ووزارة العمل هي أداة تنفيذية لقرارات ولا تستطيع وضع السياسات والبرامج الاقتصادية المطلوبة لحل كل القضايا المتعلقة بتوفير فرص العمل.. ووزير العمل أكان غازي القصيبي (رحمه الله) أو عادل فقيه، أو غيرهما، لا يمكن له أن يبتكر (المعجزات) مهما أتى بحلول مبتكرة وأفكار بديعة.. إذًا الحل يكمن في سياسة اقتصادية شاملة تشارك في تنفيذها كل مؤسسات الدولة وتلتزم بها.. ويكون للقطاع الخاص دور فعال فيها، وتؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل، وتعمل على تكثيف تدريب وتأهيل العمالة الوطنية، وترفع من مستوى أداء العاملين في البيروقراطية الوطنية حتى يمكنهم المساعدة على تنفيذ برامج الدولة لا تعطيلها.
وفكرة البرامج الاقتصادية المتكاملة ليست بخافية على الدولة، ولكنها البيروقراطية والأداة التنفيذية التي تعطل مسيرة النمو في بلادنا.. وإلا فأين هي المدن الاقتصادية الست التي تبنّاها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي كان من المؤمل أن توفر مئات الآلاف وربما الملايين من الفرص الوظيفية الجديدة.. بل وماذا حدث لبرنامج فتح قطاع التنقيب عن النفط والغار لاستثمارات القطاع الخاص، والذي قيل عندما أعلنت عنه الدولة أنه سيوفر مليون فرصة عمل جديدة تقريبًا..
بالإضافة إلى مشاريع وبرامج أخرى قد أُعلن عنها، وقامت البيروقراطية بوأدها.
قضية توفير فرص العمل للمواطن السعودي حيوية ويجب عدم التلاعب بها وتحويلها إلى مجرد شعار، وهناك متخرجون مبتعثون تكتب الصحف عن أنهم يعودون إلى بلادهم ولا يجدون وظائف مناسبة لهم، وإذا كان الأمر كذلك فماذا عمن هم أقل تأهيلًا منهم.
لا تظلموا وزير العمل ووزارته، إذ أن حل قضية الاستقدام وتوفير العمل للعمالة الوطنية خارج نطاق قدرات وصلاحيات وزارته، ولا تحولوا العمالة الوافدة إلى عمالة عدوّة بالحملات المتتالية عليها وضدها.. ضعوا الأنظمة التي يمكن تطبيقها، واعملوا على تأهيل ومراقبة الأجهزة المعنية بتطبيقها، وستحلون جزءً من المشكلة التي تعتقدون أنها موجودة.. والأهم من كل ذلك على الدولة أن تسعى لتنفيذ البرامج الاقتصادية التي أعلنت هي أنها تنوي تنفيذها.. وسنكتشف عالمًا جديدًا من اقتصاد سعودي ينمو وفرص عمل متزايدة للعمالة الوطنية ومشكلات أقل مع العمالة الوافدة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store