Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حتى يتحول الجلاء إلى تحرير

احتفلت مصر الأسبوع الماضي بذكرى تحرير سيناء ، أو بمعنى آخر : بذكرى جلاء قوات العدو الإسرائيلي منها ، منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت .

A A
احتفلت مصر الأسبوع الماضي بذكرى تحرير سيناء ، أو بمعنى آخر : بذكرى جلاء قوات العدو الإسرائيلي منها ، منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت .
نعم لقد تم جلاء قوات الاحتلال الإسرائيلي من كامل التراب المصري ، لكن سيناء ما زالت محتلة ، فالجيش المصري لا يستطيع التواجد في أرض سيناء إلا بعد موافقة العدو ، والصهاينة كانوا ولا زالوا يحتكرون استيراد الغاز المصري بسعر يقل عن أسعار السوق العالمية رغم حكم القضاء المصري ببطلان الاتفاق الذي أدى إلى احتكار الغاز المصري من قبل العدو الصهيوني ، فعن أي تحرير نتحدث ، وهل يكفي جلاء قوات الاحتلال عن أرض سيناء ليصبح هذا الجزء الغالي من تراب مصر والوطن العربي ، حراً ؟!
التحرير يعني استعادة السيادة الكاملة على الأرض التي تم جلاء الأجنبي عنها ، فبلا سيادة ليس هناك تحرير ، وبدون التخلص من حالة الهيمنة الاقتصادية التي أفضت إلى الرضوخ لشروط المحتل فيما يخص التصرف في الثروات الوطنية ، لا نستطيع أن ننظر إلى جلاء قوات الاحتلال باعتباره تحريراً ، بقدر ما يجب علينا أن ننظر إليه باعتباره احتلالاً من نوع جديد ، وبشكل مختلف ، وبأسلوب مغاير للأساليب التقليدية للاحتلال .
أساليب الاستعمار اختلفت وشهدت تطوراً نوعياً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، فالأهداف التي كانت تسعى الدول المتغلبة لتحقيقها عن طريق الاحتلال والإخضاع العسكري ، أصبحت تصل إليها بطرق أسهل ، وبأساليب لم تعد تكلفها من حيث الأرواح والأموال ، ما كانت تكلفها إياه في مرحلة الاستعمار السافر . صحيح أن الكيان الصهيوني كيان توسعي واستيطاني ، وهذه حقيقة ليس فيها أدنى شك، لكن الصهاينة لم يعودوا بحاجة لاحتلال جزء من الأراضي المصرية طالما بقيت السيادة المصرية منقوصة ومرهونة لقرارهم ، وهو ما حدث منذ إبرام المعاهدة المشؤومة للسلام بين مصر والكيان الصهيوني .
لقد استخدم العدو الصهيوني أراضي سيناء لمحاصرة سكان قطاع غزة ولإحكام الطوق عليهم ، ولولا مساهمة النظام السابق في الحصار ، لما تمكن العدو من النجاح في إبقاء أهلنا في غزة تحت مطرقة العزلة كل هذه السنوات .
ما سبق لا يعني الدعوة إلى إلغاء الاتفاقية المشؤومة من طرف واحد ، فمصر لا تستطيع الإقدام على قرار بهذه الخطورة في الوقت الحالي وفي ظل الظروف التي تعيشها الآن ، لكنني أرى أن الوقت حان لمراجعة بنود الاتفاقية ولتعديل ما لم يعد يصلح للبقاء منها ، وإلا فإن سيناء ستظل بعد كل الثمن الباهظ الذي دفعه المصريون ، محتلة من قبل العدو .
هناك فارق كبير بين الجلاء والتحرير .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store