Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الغاية لا تبرر الوسيلة

ليست هناك غاية مهما كانت نبيلة ، يمكن أن تبرر الوسيلة الدنيئة .

A A
ليست هناك غاية مهما كانت نبيلة ، يمكن أن تبرر الوسيلة الدنيئة .
الغايات النبيلة لا يمكن الوصول إليها إلا عبر الوسائل النبيلة ، فالغاية هي التي تحدد الوسيلة الملائمة لتحقيقها من خلال الاحتكام إلى مجموعة القيم التي تنطلق منها والأغراض التي تهدف إلى الوصول إليها ، وليس العكس .
الوسيلة جزء من الغاية ، الفصل بين الأمرين يحتوي على استحالة موضوعية لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع ، فالخير لا يمكن الوصول إليه عبر ارتكاب الشرور ، والمظالم لا يمكن أن تكون طريقاً لتحقيق العدل ، الأمر الذي نبه إليه القرآن الكريم في واحدة من أهم الآيات التي حددت الضوابط الأخلاقية التي لا يجوز الخروج عليها حتى في حالة التعامل مع الأعداء والظالمين : (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )) .
القصاص من القاتل والحرب على المعتدي لا تبرر قتل الأبرياء . الاستناد إلى مقولات مثل (( لكل حرب ضحاياها )) لا تصلح أن تكون مبررا لاعتماد الوسائل القذرة في سبيل تحقيق الغايات النبيلة . الغاية إذا ما كانت نبيلة فعلا ، ستعتمد وسائل نبيلة ولا يمكن أن تلجأ إلى الوسائل التي تتناقض معها . وهو ما يقوله لنا التاريخ عبر جميع مراحله .
الغاية التي تعتمد وسائل دنيئة ، هي غاية دنيئة مهما توارت خلف شعارات براقة . ألم يقتل الإرهابيون ، الأبرياءَ دون تمييز ، باسم الإسلام ؟ وألم تقتل أمريكا الأبرياء دون تمييز ، باسم الحرية ونشر الديمقراطية والحرب على الإرهاب والدفاع عن حقوق الإنسان ؟
الوسيلة هي المعيار للحكم على الغاية وليس العكس . ذلك أن الغايات الدنيئة لا تعلن عن نفسها ولا تكشف عوراتها بل تحاول التستر عليها . الغايات الدنيئة جميعا ترتبط ارتباطاً عضوياً بالكذب والنفاق والتضليل ، لذلك فإن من الواجب على العاقل أن يحيل الغايات إلى الوسائل ، ليتمكن من اتخاذ الموقف السليم تجاهها.
الوسيلة هي التعبير الأصدق عن الغاية ، بغض النظر عن الشعارات المرفوعة .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store