Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

دور مجمع اللغة في دعم اللغة العربية

لغتنا العربية ثرية ومن أجمل لغات العالم ، وتحمل في طياتها سعة ومرونة ، ‏ولها القدرة على مواجهة تحديات وصعوبات كثيرة ، وقد سبر غورها وكنوزها ‏عدد من علماء اللغة والكتاب والأدباء بمثل ما نجده لدى عبد القاهر الجرجاني ‏والجاحظ وابن قتيبة والمبرد وابن السراج ، وكذلك ما كتب بالعربية من مؤلفات ‏في شتى فروع المعرفة ، ومع ذلك فكل لغة م

A A
لغتنا العربية ثرية ومن أجمل لغات العالم ، وتحمل في طياتها سعة ومرونة ، ‏ولها القدرة على مواجهة تحديات وصعوبات كثيرة ، وقد سبر غورها وكنوزها ‏عدد من علماء اللغة والكتاب والأدباء بمثل ما نجده لدى عبد القاهر الجرجاني ‏والجاحظ وابن قتيبة والمبرد وابن السراج ، وكذلك ما كتب بالعربية من مؤلفات ‏في شتى فروع المعرفة ، ومع ذلك فكل لغة من لغات العالم بحاجة ماسة إلى ‏دعم ، وهذا الدعم لا بد أن يأتي أولا من الذين يتحدثون بها ، وخاصة فئات ‏المتعلمين والمثقفين والكتاب والمفكرين ، وتأتي ضرورة الدعم للغة بأشكاله ‏المتعددة لكي لا تفقد اللغة حيويتها ، ولكي لا ينسحب دورها ، ولكي لا يضعف ‏ارتباطها العلمي والحضاري . وإذا نظرنا في واقعنا الحالي إلى قنوات الدعم ‏للغتنا العربية نجدها تتركز في جهود يقوم عليها مجمع اللغة العربية ، وتلك ‏الجهود لا بأس بها إلا أنها غير كافية وتحتاج إلى تطوير . وعند استعراض ما ‏يقوم به المجمع في دوراته المختلفة يلاحظ أن انجازاته محدودة وبنفس النوعية ‏التي بدأها ، وأيضا فإن تقسيمات أعماله ولجانه ونشراته لم تتغير عن السابق ، ‏ولم يطرأ عليها تطوير يتناسب مع مستجدات العصر وثورته المعرفية ، وكما ‏نعرف أن اللغة كائن حي وله علاقة بكل مجالات الحياة وميادين العلم والمعرفة ، ‏ويتأثر بأي تغيير يحدث لأن أي متغير يحمل بداخله مفردات اللغة ، والتي أحيانا ‏قد لا تعبر عن هذا المتغير في حال عدم مقدرتها على ترجمة معناه الجديد ، ‏فالحدث السياسي يحتاج إلى مفردات جديدة ، كما هو الحدث العلمي ، وكما هو ‏الحدث الاجتماعي ، والثقافي ، والإعلامي ، وهكذا في جميع الأحداث التي تتطلب ‏صورا جديدة للغة . وبسبب هذا التغيير الحيوي لأي لغة أصبح حتما على من ‏تقع عليه مسئولية الحفاظ على دور اللغة ومساندتها أن يعي ما يعنيه هذا التغير ‏المستمر حتى يتمكن من إعطاء اللغة أفضل ما لديه من أفكار وخطط .‏وإذا راجعنا الجهود والانجازات التي يبذلها مجمع اللغة العربية نجدها تقليدية ‏ومكررة ، ولا تواكب العصر والمستجدات بما يحقق حيوية اللغة وعلاقاتها مع ‏جميع الميادين ، وأيضا علاقاتها مع كل من يتعامل بها أكاديميا وثقافيا وعلميا ‏وبحثيا وعمليا ، وبالتالي فالمجمع يترك المبدعين ينحتون مصطلحاتهم بجهودهم ‏الذاتية دون رافد استشاري من المجمع إلا ما ثبت في أدبياته والتي كما قلنا لم ‏تتغير بالصورة المرجوة . وتتضح أبرز سلبيات مجمع اللغة العربية بما نلمسه ‏من روح الإقليمية لديه والتي نلحظها في دوراته المنعقدة حيث يولي لمكان ‏الدورة أهمية كبرى ، وأيضا من أبرز سلبياته عدم الاستفادة ومنح الدور للكوادر ‏العلمية من تخصصات غير اللغة والأدب ، علما بأن التعامل مع اللغة لا يقتصر ‏على تخصصات بعينها فاللغة عنصر حيوي لكل بحث ومعرفة .‏ ويمكننا أن نستعرض كثيرا من السلبيات الأخرى ، ومنها : اللجان التي يشكلها ‏المجمع لها نفس العناوين القديمة ، جهود متواضعة لحل مشكلة المصطلحات ‏وخاصة العلمية منها ، تركيز المجمع على الجوانب الأدبية أكثر من غيرها وهذا ‏يتضح من خلال ما يختاره المجمع من كتب تراثية يراد تحقيقها ،فاختيار المجمع ‏ليس متنوعا وشاملا لجميع ميادين العلم والمعرفة، والأهم من تلك السلبيات عدم ‏قيام المجمع بوضع حلول لجميع المشكلات المعاصرة والتي لها علاقة باللغة ، ‏وبخاصة تلك التي تشكل تحديا للغة العربية ، فثوابت اللغة العربية ومنها النحو ‏تعتبر مرنة ولا تعد عائقا أمام البحوث الجديدة ، ومحاولة وضع ما يناسب كل ‏جديد في العلوم والحضارة ليس اختراقا لثوابت اللغة والنحو بقدر ما هو انتقال ‏طبيعي لتلك الثوابت بصور جديدة تتناسب مع ما يسمى حاليا باللغة الثالثة، ‏والتي هي أقرب للفصحى، وبنفس الوقت تحقق حاجات الثقافات الجديدة . ‏
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store