Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

إسرائيل ومصر وإثيوبيا .. والنيل الذي كان

في خطوة اعتبرها كثير من خبراء المياه في مصر ، بأنها عمل عدائي قد يرقى إلى إعلان حالة الحرب على مصر ، أعلنت إثيوبيا رسمياً ، البدء في عملية تحويل مجرى نهر النيل الأزرق لبناء سد النهضة الإثيوبي .
A A

في خطوة اعتبرها كثير من خبراء المياه في مصر ، بأنها عمل عدائي قد يرقى إلى إعلان حالة الحرب على مصر ، أعلنت إثيوبيا رسمياً ، البدء في عملية تحويل مجرى نهر النيل الأزرق لبناء سد النهضة الإثيوبي .
عملية تحويل مجرى النيل الأزرق هي عملية خطيرة بكل المقاييس ، فالنهر الأزرق يمد مصر بما يزيد عن ستين بالمائة من حصتها السنوية من مياه نهر النيل . وعليه فإن أية عملية لتحويل مجرى النيل من قبل دول المنبع ، ستعرض دول المصب - مصر أولا ثم السودان - إلى أضرار يصعب تقدير خطورتها .
الملفت أن الإثيوبيين استبقوا قرار اللجنة الثلاثية المعنية بدراسة الموضوع ، والتي تتكون من خبراء مصريين وسودانيين وإثيوبيين ، إضافة إلى استشاريين دوليين آخرين .. وهو ما ينفي وجود ولو احتمال ضئيل من حسن النية لدى الطرف الإثيوبي الذي لم يقدم مبررات مقنعة لإقدامه على هذه الخطوة الخطيرة ، دون التنسيق مع دول المصب .
السفير الإثيوبي بالقاهرة ، محمود دريدر ، تحدث بمنطق عجيب لمحطة بي بي سي عن القضية : (( إن الحديث عن أية أضرار قد تلحق بدول المصب هو استباق للأحداث )) ..! وكأن المطلوب من مصر ألا تستبق وقوع الضرر ، بل تنتظر وقوعه لتتعامل معه فيما بعد !
ما لا يعرفه الكثيرون ، هو أن القوانين الدولية لا تسمح لأية دولة تشترك مع غيرها في حيازة مياه نهر ما ، حتى ولو كانت تلك الدولة تنتمي إلى ما يسمى بدول المنبع ، أن تتخذ قرارات منفردة تتصرف بموجبها في مجرى مياه النهر ، ملحقة الضرر بغيرها من الدول . وهو ما أكده لموقع بي بي سي الإلكتروني ، أستاذ القانون الدولي أيمن سلامة : (( لايجوز لإثيوبيا أن تقوم بتحويل رافد في نهر دولي تتشاطر فيه 9 دول أخرى ، فالمسألة ليست مصر والسودان ، لأن الأنهار الدولية تحكمها قوانين وأعراف وأي مساس بحصص المياه يتطلب إخطاراً مسبقاً وضمانات بعدم الإضرار )) .
السؤال هو : كيف لدولة تظل ضعيفة للغاية عند مقارنتها بمصر ، أن تقدم على ما أقدمت عليه دون أن تخشى من ردة فعل قد تصل إلى مرحلة إعلان الحرب عليها من قبل الدولة القوية المتضررة ؟ الإجابة في رأيي بسيطة للغاية : إثيوبيا لم تقدم على ما أقدمت عليه دون وجود ضمانات من الطرف الذي استقوت به والذي ما زال ينأى بنفسه عن الصورة .. وأعني بهذا الطرف الكيان الإسرائيلي الذي يريد أن يتحكم في ثروة مصر المائية كما تحكم في ثروتها من الغاز ، وكما رهن سيادتها بموجب اتفاقية السلام التي تحول بين مصر وبين ممارسة سيادتها الكاملة على شبه جزيرة سيناء .
الصهاينة يعرفون أن مصر تمثل مصدر الخطر والتهديد الأكبر لمشروعهم ، وربما لوجودهم ، وعلى هذا الأساس فإنهم لم يكتفوا بتحييد مصر وبعزلها ، ولكنهم كانوا ولا زالوا يحاولون الإضرار بها بمختلف الأشكال .. فهل سنفهم أن اتفاقات السلام لم ولن تثني الصهاينة عن إلحاق أكبر قدر ممكن من الأضرار ، بالدول التي يرتبطون معها بمعاهدات سلام ؟!
ردة الفعل الرسمية المصرية ما زالت حتى الآن دون المستوى ، وهو أمر عجيب ، لكن الأعجب منه مرور مثل هذا الخبر على الإعلام العربي ، مرور الكرام .. وهو ما يجعلنا نربط ، وبشكل لا إرادي ، بين العربدة الإسرائيلية التي تجاوزت كل الحدود ، وبين أداء الإعلام العربي الذي يبدو أنه لم يعد معنيا بتوعية جمهوره ، بالخطر الصهيوني .
إسرائيل هي عدونا الاستراتيجي الوحيد ، فهل سنفهم معنى عبارة : العدو الاستراتيجي ؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store