Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سوريا ليست بحاجة لمزيد من المقاتلين

تورط حسن نصر الله الاختياري في الحرب السورية إلى جانب النظام القمعي مقاتلاً الثورة الشعبية وحرصه ومقاتليه على رفع راية الطائفية أدى إلى حدوث ردود أفعال مضادة لهذه الهجمة المذهبية والدموية التي قام بها

A A
تورط حسن نصر الله الاختياري في الحرب السورية إلى جانب النظام القمعي مقاتلاً الثورة الشعبية وحرصه ومقاتليه على رفع راية الطائفية أدى إلى حدوث ردود أفعال مضادة لهذه الهجمة المذهبية والدموية التي قام بها ( حزب الله ) اللبناني .. ورغماً عن أنه جرى في السابق تعميم أخبار عن تدفق عشرات من المقاتلين العرب من ليبيا ومصر والعراق وغيرها إلا أنه كان هناك إتجاه داخل الثورة الشعبية السورية إلى تقليص دور هؤلاء المقاتلين ومحاولة إلحاقهم بقيادات أقل تطرفاً وأكثر مهنية في معاركها القتالية وعدم تحويل الثورة السورية إلى معارك طائفية .. إلا أن خطوة إيران التصعيدية بإرسال حسن نصر الله وحزبه للقتال في سوريا أضعف حجة المنادين بمنع المتطرفين من صبغ الثورة السورية بصورتهم ودفع بأشخاص كانوا يعتبرون معتدلين ، مثل الشيخ يوسف القرضاوي ، إلى رفع راية الجهاد ضد أولئك الذين يتبعون قيادة الولي الفقية ( أي القيادات الإيرانية والتي أعلن حسن نصر الله صراحة أنه يأتمر بأمرها ) ودخلوا لمقاتلة الشعب السوري داخل سوريا .
يضاف إلى ردود الأفعال الفردية إقدام حكومة مصر ، والتي يتولاها الإخوان المسلمون ، على عقد مؤتمر ديني شعبي بحضور رئيس الجمهورية يدين ما يجري في سوريا ويعلن فيه الرئيس المصري قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وسحب السفير منها .
وعسى أن يعي الذين يثيرون العواطف ويلقون الخطب النارية لتجييش الناس أن أيران تسعى لتحقيق حروب طائفية داخل الدول العربية لإضعافها وإلى أن أي حرب سنية - شيعية لن تكون مفيدة لأي طرف ، فالأفكار والعقائد لا يمكن كسبها عبر شن معارك بل بالحوار وضرب الأمثلة الجيدة في التعامل مع الآخرين .. ومن الضروري لذلك الحرص على تركيز الحملة الحالية لمساندة الشعب السوري في كفاحه ضد الطاغية وتوفير الإمكانيات المناسبة له لطرد الغزاة الذين قدموا براياتهم الطائفية من أيران أو العراق أو لبنان .. فالسوريون ليسوا بحاجة إلى من يحارب نيابة عنهم ( يقدر عدد مقاتلي الثوار بأكثر من ربع مليون شخص) ، مثلما فعل النظام ، والذي أستعان بعصابات ( حزب الله ) و ( الحرس الثوري الإيراني ) وغيرهم من أتباع ( الولي الفقيه ) لحمايته من شعبه .
السوريون بحاجة إلى نوعين من الدعم ، أولهما عسكري ويشمل ذلك منع تحليق الطيران فوق مناطق محررة معينة وتوفير مناطق آمنة للاجئين ، بالإضافة إلى كم ونوع كافٍ من السلاح والذخيرة ، وكذلك المساعدة في توحيد الجماعات المقاتلة تحت راية واحدة ، وثاني الدعم المطلوب هو مساعدات إنسانية تشمل توفير الغذاء والدواء والكساء والمأوى داخل وخارج سوريا لمن هدمت مساكنهم وجرى تهجيرهم إلى خارج مناطقهم وخارج وطنهم .
من ناحية أخرى .. أتمنى لو توقف ( حزب الكنبة ) العربي في القضية السورية عن عجزه وفهم المطلوب منه كمواطن عربي في هذه المرحلة .. وهؤلاء هم الليبراليون ، بما فيهم الناصريون ، والذين تعميهم الشعارات والنظريات عن النظر إلى الواقع .. فعبد الناصر عندما التف الناس حوله كان ذلك بسبب وعده لهم بالحرية والكرامة ورغد العيش ، والحركات الليبرالية يفترض بها أن تنادي وتسعى إلى حرية الفرد وتحقيق الكرامة له .
فهل يعتقد ( حزب الكنبة ) هذا أن نظام الأسد وفر في السابق أو يوفر اليوم الحرية للمواطن السوري أو أي قدر من الكرامة عدا رفع الشعارات ..وهل يستحق نظام مثل هذا تأييد الليبراليين والناصريين العرب ، أم أن فكرة هؤلاء في الحرية والكرامة لم تتضح معالمها بعد .. ويستمتعون بمشاهدة مسلسل القهر الذي تمارسه الدكتاتوريات ضد شعوبها طالما كانت هذه الدكتاتوريات ترفع شعارات الممانعة ، وترفض ارتفاع أي صوت يطالب بالحرية والكرامة فوق صوت معركة وهمية قادمة.
ما أريد التأكيد عليه هنا هو أن هناك فرصة تاريخية متاحة للحركات الإسلامية السياسية للمساعدة في تكوين المجتمع السوري الجديد عبر دعم ثورة الشعب السوري بدون تشويهها بالتغافل عن بعض المندفعين الذين قد يشوهونها ، وعلى هذه الحركات أن تمارس اليوم ضبط النفس وتتقن إدارة الأمور بشكل يخدم الشعب السوري لا الشعارات البراقة فحسب ، وكذلك الأمر بالنسبة للحركات الليبرالية التي عليها أن تتخلى عن إتجاهاتها الانتحارية في تأييد الأنظمة القهرية وأن تبدأ في ذلك بتأييد ثورة الشعب السوري على جلاديه .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store