Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الذكرى الذهبية لإذاعة الرياض

في خضم الآلام والجراحات التي تعصف بالأمة العربية، وانصراف الناس لمتابعتها، قد تغيب عن الذاكرة بعض المناسبات الوطنية المهمة التي تمثل جزءًا من التاريخ الوطني، هذا ما حصل مع ذكرى مرور خمسين عامًا على ان

A A
في خضم الآلام والجراحات التي تعصف بالأمة العربية، وانصراف الناس لمتابعتها، قد تغيب عن الذاكرة بعض المناسبات الوطنية المهمة التي تمثل جزءًا من التاريخ الوطني، هذا ما حصل مع ذكرى مرور خمسين عامًا على انطلاق بث إذاعة الرياض، ففي اليوم الأول من رمضان عام 1384هـ انطلق نداء إذاعة المملكة من الرياض، وكان ذلك حدثًا مهمًا في تاريخ الإعلام السعودي، وإن كانت إذاعة جدة قد انطلقت عام 1368هـ، ولولا مقال كتبه الأستاذ محمد المنصور يوم الثاني من شعبان لمرّت هذه الذكرى الغالية بدون أن يستذكرها أحد، والأستاذ محمد المنصور من جيل شهد مولدها، وعاصرها، في كل أطوارها، وأسهم في إنتاج برامجها، وفي إدارتها، إلى أن تقاعد قبل سنوات من وظيفة وكيل مساعد لشؤون الإذاعة، فلا غرابة إن لم تغب عنه المناسبة، فهي جزء من عمره، كما هي جزء من عمر كاتب هذه السطور.
نصف قرن من الزمان، وهذه الإذاعة تملأ الأثير: ثقافة، وتوعية، وتعليمًا، وتسلية، وبثًا للأخبار، إنها بانطلاقتها مثَّلت تاريخًا لا يمكن تجاوزه في تاريخ الإعلام الوطني، فلم يسبقها في الرياض سوى إذاعة شعبية لهاوٍ هي إذاعة طامي التي توقفت ببدء بث إذاعة الرياض، وهي الأخرى دخلت التاريخ، ودخل طامي –رحمه الله- تاريخ البث الإذاعي بإذاعته التي عمّرت سنتين.
التحقتُ بها مذيعًا عام 1392هـ أي بعد عشر سنوات من عمرها، وبقيتُ فيها ربع قرن بين الأعمال البرامجية والإدارية، بدأت مذيعًا، ثم رئيسًا لقسم التنسيق، ثم مديرًا للبرنامج العام، ثم مديرًا عامًا لها، وأعددت عددًا من البرامج، وقرأتُ الأخبار، وشاركتُ مع رواد في الصور الصوتية الحية، وأجريتُ مقابلات مع أعلام في الثقافة والسياسة، وشاركتُ في الاتحادات الإذاعية، وأدركت فيها كبار الإذاعيين السعوديين والعرب مما لا يتسع المقام لذكرهم، ولكن وجودهم فيها كان هو العصر الذهبي لهذه الإذاعة: في برنامجها العام، وفي إذاعة القرآن الكريم، وفي البرنامجين الإنجليزي والفرنسي.
كانت ذات تأثير في المجتمع، وكان المجتمع الإذاعي داخلها مجتمعًا مميزًا بجودة الإنتاج وبالعلاقة الحميمية بين مذيعيها ومخرجيها ومعديها ومترجميها ومحرريها وإدارييها وفنييها وممثليها الرسميين منهم والمتعاونين، عندما كانت في مبنى صغير مستأجر في شارع الفرزدق إلى أن انتقلت إلى استوديوهاتها التي مازالت فيها، وتتالت أجيال من الإذاعيين توارثوا الجدية في العمل، والجودة في الإنتاج، وشارك في برامجها كبار المثقفين والأدباء والعلماء، وتزخر مكتبتها بآلاف المواد الإذاعية في مكتبة تسجيلاتها، وهي مصدر من مصادر التاريخ الوطني، ليس في الإعلام فحسب، بل في كل الجوانب التاريخية، في المقابلات والبرامج والدراما.
هذه المناسبة الغالية لابد من تخليدها بكتابة تاريخها من رواد كتبوا برامجها، وأعدوا مسلسلاتها الدرامية وأدوارها برامجيًا وإداريًا، ومن ذلك كتابة تاريخ رواد رحلوا بأجسامهم، ولكن إنتاجهم البرامجي عمر ثانٍ لهم، فهذه المناسبة الذهبية مناسبة للاحتفاء بالتاريخ والإعلام والرواد في جانب من التاريخ الإعلامي الوطني، هذه سطور قليلة في ذكرى ذهبية كبيرة، فيها إشارة بحسب ما اتسعت له العبارة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store