Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المسؤولية الاجتماعية.. جائزة ساعد العرابي أنموذجاً

تُعد المسؤولية الاجتماعية مطلباً حتميِّاً في المُجتمعات الراغبة في استثمار رأس مالها البشري، الذي أثبتت الدراسات العلمية أن الاستثمار فيه يفوق جميع أنواع الاستثمارات في المجالات الأخرى، من هذا المُنطل

A A
تُعد المسؤولية الاجتماعية مطلباً حتميِّاً في المُجتمعات الراغبة في استثمار رأس مالها البشري، الذي أثبتت الدراسات العلمية أن الاستثمار فيه يفوق جميع أنواع الاستثمارات في المجالات الأخرى، من هذا المُنطلق اكتسبت المسؤولية الاجتماعية شرعيتها التي لا تخضع لأنظمة أو لوائح أو تعليمات مكتوبة، ولا يُمكن تلقينها في اجتماعات، بقدر ما هي مهارات تُكتسب نتيجة للتنشئة الاجتماعية بكل مكوناتها التي يتعرض لها الإنسان خلال فترة حياته، وهذا ما أكّدته النظريات النفسية من أن الإنسان كائن محكوم عليه بالحرية، يمارسها عن طريق اختيارات يقوم بها في كل لحظة، فالاختيار حتميّ، وما دام الإنسان حرًا فهو مسؤول عن وجوده.
وهذه النتيجة العلمية تقودنا لرؤية يستشرفها مَنْ تقلَّد زمام المبادرة لتفعيل هذا الجانب في مُحيطه الاجتماعي؛ فكما تعلمون أن مؤسسات الدول لوحدها لا تكفي لأن تنهض بالشعوب، ولكن المقياس الحقيقي هو النهوض بتربية الإنسان، وسلوكه الاجتماعي، وتنمية ضميره الشخصي والاجتماعي نحو نفسه ووطنه وأمته، ومن هنا فإن المشروع الحقيقي الذي يجب أن نتبناه هو كيف نحسن وننمي ونرتقي بسلوكياتنا أفرادًا وجماعات؟ وكيف ننمي الضمير والمسؤولية الاجتماعية والوطنية لدى المجتمع؟
وتأسيساً على ما سبق، فإن المسؤولية الاجتماعية تُعتبر من الملامح الأساسية للمجتمع المدني، الذي يضطلع بأدواره في ظل إطار لا ينتظر الدعم والتوجيه من القيادة السياسية بقدر ما يرتهن للمبادرات الشخصية التي تنطلق من شعور الفرد بالواجب المُلقى على عاتقه تجاه المُجتمع الذي نشأ فيه، ومنحه تأشيرة البروز، وقلَّده وسام العُلا، فهذا الفعل المُتجرِّد من الأنانية وإن شئت قل: الفوقية، يعكس أن ثمة وعياً يتنامى بين ظهرانينا بأن يقوم كل من يمتلك مقومات هذا الدور بمسؤوليته الاجتماعية، وأحسب أن الأستاذ الدكتور ساعد العرابي واحد من أبرز من يعي هذه المهمة ويقوم بدعمها وتنميتها عاماً بعد عام دون كلل أو ملل أو شُح يرتضي أن يوجه ما يُصرف على الجائزة إليه ليزيد من رصيده المادي، ولكنه ارتضى رصيده المعنوي المتكئ على البذل والعطاء لأبناء قبيلته على كل مسارات الاستثمارات الأخرى، الأمر الذي صنع لهذه الجائزة ديمومة البقاء، بل ضمن لها استمرارية التميّز؛ فكل عام يكشف صاحب الجائزة عن إضافة تراكمية تمنحها المزيد من الألق، والكثير من الرسوخ في الأذهان، تأكيداً لقول المولى -عز وجل-: "ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ".
إن شيوع مثل هذه المناسبات في أي مُجتمع يؤكد على أن هذا المُجتمع يتمتع بخصال أربع أُوجزها في:
1- الاهتمام: ويعني الارتباط الوجداني بالجماعة المنتمي لها هذا الفرد، ويعمل على تماسكها وترابطها.
2- الفهم: وهو فهم متبادل بين وعي الفرد للجماعة من جهة، ووعي الفرد لسلوكه وانعكاساتها السلبية والإيجابية.
3- المشاركة: وتعني اندماج الفرد في الجماعة بهدف تحقيق أهدافها المنشودة.
4- التعاون: ويعني تفعيل العمل التعاوني بين أفراد الجماعة، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الفردية.
وفي الختام، فإني أُجزم بأن جائزة الدكتور ساعد العرابي التي نحتفي بها كل عام في مسقط رأسه؛ تُمثل أنموذجاً حيِّاً للمسؤولية الاجتماعية التي نتمنى على أصحاب الفكر والمال بأن يحذو حذوها، وأن يجعلوا بعضاً ممّا اكتسبوه من خيرات وطنهم؛ موجهاً لتحفيز الكوادر البشرية المُبدعة في مجالها، إيماناً منهم بأن ذلك أقل ما يُمكن أن يُقدّم للوطن وأبنائه.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store