Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ساسة اليمن بين العمل لوطنهم أو لشعاراتهم

بالرغم من كل السلبيات المثارة حول مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، فإن المتحاورين نجحوا حتى الآن في تخطي العديد من المصاعب التي واجهت حوارهم..

A A
بالرغم من كل السلبيات المثارة حول مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، فإن المتحاورين نجحوا حتى الآن في تخطي العديد من المصاعب التي واجهت حوارهم.. كما أن الرعاية الدولية بشكلٍ عام، والخليجية بشكل خاص، ساهمت في تذليل بعض القضايا التي كادت تؤدي إلى الفشل، وكان أبرزها وأخطرها قضية الجنوب اليمني، الذي أصر بعض أبنائه على ألا يكون هناك حوار بل انفصال في مواجهة موقف من القوى في الشمال اليمني على رفض مثل هذا التوجه والذي أدى إلى حرب عنيفة بين الشماليين والجنوبيين قبل نحو تسعة عشر عامًا.. ويستحق ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر والذي يرعى الآن الحوار بين أبناء الجنوب والشماليين، الثناء الكثير على إدارته الجيدة للأزمة اليمنية والتي كان لأمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وجهازه الخاص دور فيها أيضًا.
الأمور ليست وردية ولكنها تسير باتجاه قد يتيح لليمن تحقيق النمو الاقتصادي الذي تسعى إليه فيما إذا نتج عن الانتخابات المتوقعة بعد نهاية الحوار واعتماد الدستور الجديد للبلاد إدارة قادرة على الاستعانة بكل الدعم الدولي والإقليمي لإعادة بناء أجهزة الدولة اليمنية المختلفة وتوجيهها للعمل بشكلٍ أكثر كفاءة وأقل فسادًا.. ولن يكون هذا الأمر سهلًا بعد سنين طويلة من العمل في ظل فساد مستشرٍ وإدارة لا تعمل بكفاءة، وبعد أن تحولت البلاد إلى ساحة لتنافس إقليمي حاد تُصرف فيه مئات الملايين من الدولارات في سبيل تحقيق أجندات متناقضة، قلّما تكون المصلحة اليمنية واحدة منها.
ومن أبرز النقاط التي أثيرت في تقرير نشره مركز الأبحاث البريطاني (تشاثام هاوس) خلال هذا الشهر، أن الاقتصاد اليمني والذي بدوره يؤثر على القرار السياسي هو بيد نحو عشر عائلات رئيسة ومجموعات اقتصادية تسيطر على ثمانين بالمئة من الواردات والصناعة والبنوك والاتصالات ونقل البضائع. لذا من الضروري البحث عن حلول تؤدي إلى تحرير الاقتصاد اليمني من قبضة فئة صغيرة دون تحطيم الاقتصاد في محاولة للقضاء على هذه المجموعة، بل إدارة الاقتصاد بشكل يُقلِّص اعتماده على بضعة أفراد ويتيح الفرصة للمواطنين الاستفادة منه بشكل أفضل.
وتقف بعض المصالح الاقتصادية القوية خلف معظم الحركات السياسية في البلاد، بما في ذلك الحزبين الكبيرين: المؤتمر والإصلاح، كما أن هناك أموالًا تضخ من الخارج على الأحزاب والتجمعات السياسية تؤدي إلى زيادة تفاقم الخلل القائم، ونشرت بعض وسائل الإعلام اليمنية (معارضة للإصلاح) أن الإخوان المسلمين الذي يتكون الإصلاح بشكل رئيسي منهم كانوا وراء عملية تجنيد عشرات الآلاف في الجيش وأجهزة الأمن اليمنيين خلال سنوات الانتفاضة (الربيع). كما أن كون أجندة حزب كبير مثل الإصلاح ليست أجندة يمنية خالصة يثير القلق من ألا يتمكن الحزب من التحول إلى حزب يمني خالص، حيث توجهت توكل كرمان، إلى القاهرة يوم الرابع من أغسطس الفائت بهدف مناصرة الإخوان المسلمين الذين كانوا حينها في ميدان رابعة العدوية لكن السلطات المصرية أوقفتها وأعادتها على نفس الطائرة إلى صنعاء، وكان قد سبقها في ذلك مراسل "قناة الجزيرة" في صنعاء أحمد الشلفي، لتغطية أحداث رابعة العدوية. وكل منهما من الوجوه الناشطة لحزب الإصلاح.
والمطلوب من الذين يعملون في الشأن السياسي باليمن أن يعملوا لصالح اليمن وليس لصالح أجنداتهم الشخصية ويتجهوا لبناء وطنهم، وينأوا بأنفسهم عن التحالفات الإقليمية والدولية، فالأولوية يجب أن تكون لبناء اليمن لا رفع الشعارات وتقسيم المجتمع، وحسب تقرير "تشاثام هاوس" فإن عدد من لا تتوفر لهم مياه شرب نقية ونظام للصرف الصحي أكثر من ثلاثة عشر مليونًا، ومن لا يجدون عناية صحية أكثر من ستة ملايين، ومن لا يؤمن الغذاء لهم عشرة ملايين ونصف المليون، مقابل عدد سكان يُقدّرون بنحو خمسة وعشرين مليون نسمة حسب تقديرات البنك الدولي.. وعلى ساسة اليمن مواجهة هذا الواقع والاستعداد من الآن لتحمل مسؤوليته.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store