يُفترض أن يكون أي تطور في آليِّات مواقع التواصل الاجتماعي نعمة ينعكس أثرها على المُتعاطين لها ؛ لأنها أحدثت تغيُّراً ملموساً إما - تفكيراً أو ممارسة - في الكيفية التي من خلالها يستطيع أن يُعبِّر عن رؤيته للأحداث التي يعيش في مُحيطها ، ويزعم أنه يقرأها بطريقة سليمة مُبتعداً في حكمه الذاتي عن احتمالية الصواب والخطأ الواردة بشكل اعتيادي في أي فعل إنساني ، الأمر الذي سيؤدي إلى التوصل لنتائج مغلوطة لأنها لم تقم على مُعطيات دقيقة ، والقاعدة المُتفق عليها علمياً تقول : « النتائج من مُقدماتها « ولكن شيئاً من هذا لم نلاحظه في هذه المواقع ؛ مما يعني أننا أمام مشكلة يتواتر عنها مُشكلة أخرى مع مرور الزمن ، خاصة إذا ما تم السكوت عليها ، وعدم كشف زيفها وتعريتها أمام الناس ليكونوا شهداء الله في أرضه على عدم مصداقية النتيجة ومُقدماتها .
التوطئة أعلاه هي مُخْرَج لمشاهدات يومية لما يُطرح في مواقع التواصل الاجتماعي في كل مساراتها ؛ فلستُ ممن يحُجِّم الآراء ، أو يُصادر وجهات النظر ، أو يُمارس عملية الإقصاء ، ولكن التجني الواضح في الطرح ، والتشهير المُتعمد في التعاطي ، والتشويش غير الأخلاقي المُتنامي في الواقع ؛ مُسببات دفعتني لإثارة هذا الموضوع على أعمدة الصحافة من باب المعالجة المنطقية لهذا الوضع المتأزم ، والمناقشة الموضوعية لتداعياته السلبية ؛ لنؤسس – سويِّاً – لنمط من التفكير يبتعد عن المزايدات بقدر اقترابه من الحقيقة التي يجب أن تكون أُساً لجميع تعاملاتنا وأُطروحاتنا في كل المواقع – افتراضية أم واقعية - .
لا يحتاج المُتابع لهذه المواقع للكثير من الوعي ليكتشف كُنهها ، فقد أصبحت – للأسف الشديد – بؤراً لإثارة الفتن ، وتأليب الناس إما على بعضها البعض ، أو على حكوماتها ممتطين صهوة الحرية المُزيف مدلولها في ذهنيتهم ، غير آبهين بما سينتج عن تصرفاتهم غير المسئولة ولو بعد حين ؛ بل يتلذذ بعضهم بتداعيات ما يبثه من سُم زعاف وكأنه أتى بما لم يأتِ به الأوائل ، ولم يعرف أنه بفعلته الشنيعة هذه قد تسبب في إحداث شرخ سينزف جرحه حتى الموت ، عندها لا ينفع الندم ولا النَوح ؛ لأن كل شيء وصل منتهاه ولا يُفيد الصوت بعد الفوت .
لا أدري هل يحق لي القول بأن وقت مراقبة هذه المواقع قد حان ؟ أم أن هذه المُطالبة تُدخلني ضمن جوقة أعداء حرية الرأي ؟ وهل يُمكنني القول بأن محاسبة مُستخدمي هذه المواقع استخداماً سيئاً قد آن أوانه ؟ أم أن كتيبة المُطالبين بقبول الرأي والرأي الآخر سيقفون لي بالمرصاد ؟ وهل أستطيع القول بأن ما يتم طرحه في هذه المواقع يعمل على تقويض الأمن القومي للوطن ، وبناءً عليه أرفع سقف مطالباتي بحجبها ؟ أم أن هيئة حقوق الإنسان وجمعياته ستُصنفني عدواً لدوداً للإنسان على اعتبار أنني أُلجم لسانه عن البوح بأبسط حقوقه ؟ .
أسئلة تتقافز في مُخيلتي مُرهقتها – قبولاً ورفضاً – ولكن الذي أنا متأكد منه وأُطالب به مهما كانت تداعياته هو أنه يجب أن يكون ثمة عقاب وصارم أيضاً لكل من يستخدم التقنية ووسائلها بشكل إما أن يُسئ من خلالها لأشخاص لا علاقة لهم بما يُطرَح عنهم ، أو يُهدد أمن الدولة ويُزعزع كيانها ويعمل على الانتقاص من رموزها ؛ فالمصالح العُليا محفوظة في كلياتها شرعاً ، والتعدي عليها جناية يُحتِّم على القائمين بها الأخذ على يد من فعلها ، أو ساهم في شيوعها إما عن قصد أو غير قصد ؛ فإذا كان قاصداً فعقابه واجب ، وإن كان غير ذلك فتوعيته حلّت ؛ لنضمن لمُجتمعنا أمناً لا يرتهن لتغريدة مسيئة هنا أو رسالة خبيثة في منشور هناك ، أو لرسالة مُغلَّفة يتناقلها الناس وكأنها وحي يوحى !! .
Zaer21@gmail.com
مواقع التواصل الاجتماعي .. بؤر للمُرجفين
تاريخ النشر: 29 سبتمبر 2013 02:33 KSA
يُفترض أن يكون أي تطور في آليِّات مواقع التواصل الاجتماعي نعمة ينعكس أثرها على المُتعاطين لها ؛ لأنها أحدثت تغيُّراً ملموساً إما - تفكيراً أو ممارسة - في الكيفية التي من خلالها يستطيع أن يُعبِّر عن رؤ
A A