من حق أي دولة عضو في الأمم المتحدة أن يكون لها موقف حيال ما يجرى على الساحة الدولية، وحيال عجز المنظمة عن اتخاذ القرارات الصائبة لحل مشكلات العالم.
المواقف يتم التعبير عنها بعدة وسائل، منها الصمت أو الامتناع عن الإدلاء بالرأي خطابة أو كتابة.
سياسة المملكة الخارجية اتّصفت بالحكمة والاعتدال في كل المحافل الدولية، والكل يترقب وينصت إليها باهتمام، فلها بين دول العالم الإسلامي صوت مسموع؛ لما تُقدّمه من خدمات ودعم ورعاية لحجاج بيت الله الحرام، الذين يفدون من أصقاع المعمورة على مدار العام.. ولها أيضًا دور في غاية الأهمية على اقتصاد العالم بصفتها أكبر منتج للطاقة البترولية، وتعمل من خلال ذلك بالحفاظ على التوازن وضمان استمرارية تدفق الطاقة إلى الأسواق العالمية بأسعار معتدلة.
والمملكة عضو فعال في مجموعة العشرين الكبرى المعنية بمراقبة الاقتصاد العالمي والعمل مع شركائها الدوليين للتصدي لتحديات تقلبات الأسواق وآثارها على اقتصاد العالم.
كما أنها أصبحت دولة محورية في مجال التصدّي للإرهاب من خلال المبادرات الفعّالة والدعم المالي.
هذه أربعة محاور رئيسة تستطيع المملكة مخاطبة العالم من خلالها من مصدر قوة وثقة بأن ما تقوم به من ممارسات في سياستها الخارجية له وقع ملموس في المحافل الدولية، وخاصة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة الذي يحظى بحشدٍ كبيرٍ من رؤساء الدول، ويكون محل اهتمام المحللين والباحثين المهتمين بالسياسة والعلاقات الدولية.
في الدورة الحالية للجمعية العمومية اختارت المملكة عدم إلقاء كلمتها، وهذا موقف له ما يُبرّره، رغم أن الأوضاع الجارية في منطقة الشرق الأوسط لا تتحمّل امتناع أهم دولة في المنطقة وأكبر مموّل لمشروعات عملاقة على مستوى العالم عن مخاطبة العالم عن الخلل الذي تتعرض له السياسة الدولية.. وبرغم أيضًا إن مخاطبة العالم من على منبر أُممي يُوفِّر فرصة لإيضاح رؤية الدولة وتصوراتها حول المواقف التي لها رأي محدد بشأنها، وكيف ترى معالجة المشكلات العالقة بطرق أفضل.. إلاّ أن المملكة آثرت الامتناع عن إلقاء كلمتها لتُعبِّر بذلك عن امتعاضها من عجز المنظمة عن فعل أي شيء حيال القضية الفلسطينية طوال ستين عامًا، وأنها لم تتدخل لوقف المجازر التي ترتكب في سوريا، ولم تساعد الأقلية المسلمة في بورما.
والهموم التي دفعت المملكة للتخلي عن حقها -هذه المرة- في مخاطبة الجمعية العمومية؛ هي هموم مشتركة مع أعضاء منظمة التعاون الإسلامي والدول العربية الممثلة في جامعة الدول العربية.
النظام العالمي أصبح متداخلاً ومصالح الدول باتت متشابكة، وما يحصل في إقليم معين من العالم تنتقل آثاره إلى الأقاليم الأخرى بسرعة، وعوامل التقنية الحديثة قلّصت المسافات، ووفّرت المعلومة بشكل آني، والمملكة بمكانتها وعلاقاتها الدولية جزء من العالم، ومن غير الممكن تجاهل دورها في شتى المجالات المؤثرة في الاقتصاد العالمي والأمن والاستقرار الدولي.
ورغم الأحداث الجارية على المستويين الإقليمي والدولي آثرت المملكة الامتناع عن إلقاء كلمتها أمام الجمعية العمومية ليصل الصوت إلى العالم كله بعدم رضا المملكة عن مواقف المنظمة الدولية في معالجة قضايا الأمة الإسلامية.
Salfarha2@gmail.com
المملكة تحجب كلمتها عن الجمعية العمومية
تاريخ النشر: 10 أكتوبر 2013 03:07 KSA
من حق أي دولة عضو في الأمم المتحدة أن يكون لها موقف حيال ما يجرى على الساحة الدولية، وحيال عجز المنظمة عن اتخاذ القرارات الصائبة لحل مشكلات العالم.
A A