Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

د. عوض القوزي.. تبكيه لغة الضاد

اخترمت المنون د.

A A
اخترمت المنون د. عوض بن حمد القوزي يوم الخميس 19/12/1434هـ الموافق 24/10/2013م، إثر حادث مروري مؤلم، بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي، ولد في القنفذة عام 1361هـ، وبها درس المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ثم الثانوية في مكة المكرمة ثم الجامعية في الرياض، ثم الدراسات العليا في جامعة أكسفورد التي حصل منها على الدكتوراه عام 1405هـ.
لقد فقدت اللغة العربية بغيابه عالماً كبيراً، وأستاذاً جليلاً أغناها بالدراسات والبحوث، وأخال أن حزنها عليه يفوق حزن أصدقائه الذين ارتسم الحزن على محيا كل واحد منهم، وقد اجتمع جمع منهم للعزاء بالرياض في منزل د. مرزوق بن تنباك ذاك الذي أرسل تغريدة عن قصيدة في لحظة استشعار في (هانوي) سألني الصديق د. عوض القوزي من سيكون الأول منا؟ أجبته:
لعمرك ما أدري وإني لأَوْجل
على أيّنا تَغدو المنية أوّل
الآن دريت..
لم أحتمل خبر الفجيعة، وكنت على مسافات بعيدة من الوطن، وكررت قول الجواهري:
قد يقتل الحزنُ من أحبابه بعدوا
عنه، فكيف بمن أحبابه فُقدوا؟!
كان الفقيد عائداً من القنفذة بعد زيارة الأهل في العيد، وفي الطريق الذي لا يُحاط بسياج ارتطم جمل سائب بسيارته فكانت الفاجعة التي صوّرها الشاعر محمد بن علي بن شرارة القوزي في قصيدة مطلعها:
ماذا فعلت وقد أوقدت يا جملُ
ناراً بفعلك، فانقادت لها الحمم
مزّقتَ –يا سائب الصحراء- أفئدةً
أججتَ فيها جراحاً، ليس تلتئم
رحل د. عوض محفوفاً بالحزن، وترك سيرة عطرة وعلماً ينتفع به.
كان عضواً في مجمع اللغة العربية في القاهرة ودمشق، وفي جمعية لسان العرب، وجمعية حماة اللغة العربية غير أن عمله المميز هو خدمة كتاب سيبويه في اللغة العربية، وهو أول كتاب في العربية وأشهر كتاب فيها، وله عدد من المؤلفات والبحوث تزيد عن 34 كتاباً وبحثاً أشهرها تحقيقه لكتاب "التعليقة على كتاب سيبويه" في 6 أجزاء، أما الكتاب الذي كان يعده مشروع العمر فهو كتاب "شرح كتاب سيبويه" لأبي سعيد السيرافي وقد نسخ المخطوطة كاملة، وخزّنها في الحاسوب وبدأ التحقيق ووصل إلى تحقيق عشرة أجزاء، والكتاب سيزيد عن عشرين مجلداً، وقد قال عنه: "إنه لا يماثله كتاب في النحو العربي، وإذا صدر كاملاً سيكون موسوعة نحوية لا تجعل الدارسين يسألون عن معنى ورد في كتاب سيبويه" وهو مطابق لما قاله الدارسون قبله من أن شرح السيرافي "لم يُسبق إليه ولم يأتِ أحد بمثله" وكذلك عمل د. عوض لم يتجشم محقق قبله إخراج هذا الكتاب الذي نرجو أن يُكمل عمله وبخاصة من جامعة الملك سعود.
لقد عاد د. عوض في بحوثه اللغوية إلى المنابع الأولى، ولذا تميز في دراساته وتحقيقاته وبحوثه التي تناولت في أكثر من 29 بحثاً خدمة العربية، والرؤية المستقبلية لها، وتشخيص الضعف اللغوي والعلاج، والرؤية التربوية لمناهجها الدراسية، ومواجهة التحديات العالمية، والجهود المبعثرة في التراث، واللغة والهوية، وحصار العناد، وغيرها من بحوث عميقة سعت لخدمة العربية في زمن يخجل حيناً بعض من ينتسب إليها أن يتحدث بها، إن لم يكن عاجزاً عن الحديث بها، وهو يجيد اللغة الإنجليزية، ويعرف اللغتين الألمانية والفارسية.
إن فقد عالم ليس بالأمر السهل، فهو انقطاع معين يغذي اللغة العربية بما يخدمها في زمن صراع الهويات، ولكن لا راد للقضاء، وقد بقيت دراساته صدقة جارية وعمراً لا ينتهي ما بقي من ينطق العربية. رحمه الله.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store