Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التحدي قائم.. كيف نواجهه؟

المخاطر التي تواجهها دول الخليج العربي تتصاعد حدتها وأعدادها بينما تواصل الأنظمة في هذه البلدان مسيرتها البطيئة المتأنية في البت بمختلف الحلول الموضوعة على طاولتها ، أكانت محلية لكل بلد على حدة ، أو م

A A
المخاطر التي تواجهها دول الخليج العربي تتصاعد حدتها وأعدادها بينما تواصل الأنظمة في هذه البلدان مسيرتها البطيئة المتأنية في البت بمختلف الحلول الموضوعة على طاولتها ، أكانت محلية لكل بلد على حدة ، أو مجتمعة ضمن كيان مجلس التعاون الخليجي .. وبينما تخطو دول الخليج خطوة وتتراجع خطوات في مسيرتها لبناء حائط صد تجاه ما يتهددها نرى المخاطر تتصاعد بما يعادل عشرات الخطوات ، مما يجعل ما تم مجرد عملية تجميلية ولا يمكن اعتبارها خطوة في الطريق الصحيح . وآخر الحلول التي وضعها خادم الحرمين الشريفين ، الملك عبد الله بن عبد العزيز ، أمام قادة مجلس التعاون قيام وحدة أو إتحاد يساعد على اتخاذ مواقف متناسقة ومترابطة لمستقبل دول المجلس ، إلا أنه لم يتم حتى الآن ظهور بصيص نور لهذا التعاون الاتحادي المطلوب بما في ذلك العملة الاتحادية المرتقبة ، ولازالت الأمور بين شد وجذب في أروقة مجلس التعاون الخليجي .
وهناك اتجاه واضح ، ومسيرة قد بدأت ، تستهدف تغيير الوضع السياسي الحالي في كامل منطقة الشرق الأوسط ، ومن الصعب علينا أن نتصور كيف يمكن أن لا تؤثر المسيرة المحيطة بنا من كل جانب في وضع منطقة الخليج ، وأن لا تؤثر على استقرارها ، ونواصل العمل خلف أبواب مغلقة ، ويترك المجال للإشاعات والتخمينات تتولى إشغال الرأي العام في بلدان الخليج ، ولا يعنى أحد بأن يكاشف شعوب الخليج الواقعة تحت وطأة حرب إعلامية لا هوادة فيها تشن من الداخل والخارج ، مستخدمة كل وسائل الاتصال الإجتماعي والأجهزة الإعلامية التقليدية المعروفة بما فيها حرب الإشاعات .
هناك معلومات بالإضافة إلى تقارير وأبحاث إعلامية ومن مراكز بحث متعددة تتحدث عن أن منطقة الـــشـــرق الأوســـط مستهدفــة لتقام فيها أنظمة سيـــاسيــــة ( ديمقراطية) مشابهة لما هو قائم في الدول ( المتقدمة ) يتم عبرها تداول السلطة وتدور فيها حروب سياسية داخلية فيما بين أطراف المجتمع المكون لدول المنطقة ، حتى وإن أدى الأمر إلى تقسيم أوصال البلدان القائمة وتحويلها إلى دويلات . وبالإضافة لذلك فإن التوجه الذي يسعى لإحداث هذا التغيير يرى أنه قد حان استخدام الإسلام السياسي في أنظمة الحكم باعتبار أن هناك إسلاماً سياسياً معتدلاً ، يمكنه أن يحد من التطرف الذي أفرزته بعض الدعوات الإسلامية التي انطلق عقال تطرفها خلال السنين الأخيرة . ويقول الذين ينادون بإشراك الإسلام السياسي في اللعبة السياسية القائمة على تداول السلطة بأن ذلك سيؤدي إلى اختبار قدرة هذه الحركات على تحقيق الأمن والرخاء لمن تتولى حكمهم ، فإذا فشلوا فإنهم لن يجدوا شارعاً سياسياً يعيدهم إلى السلطة مرة أخرى .
ومن المعروف أن أمريكا ، بمفكريها وكتابها وسياسييها ، هي التي تقود هذا التوجه ، ويتبعها مؤيداً ومطبلاً ومزمراً رفاقها في أوروبا.وهي أفكار تجد قبولاً لدى بعض مواطني أوطان الشرق الأوسط . وكان الليبراليون هم أول من اتهموا بتبني هذه الأفكار إلا أنهم اكتشفوا مؤخراً ، أن حركات الإسلام السياسي سرقت منهم أخيراً تهمة العمالة لأمريكا ، والغرب ، وأصبح الليبراليون في حيرة من أمر التوجه الجديد لأمريكا لدعم الإسلام السياسي حتى وإن كان على حساب كل ما آمن به الليبراليون من سابق ، من حرية فكر وعقيدة وحريات شخصية .
الدعوة للتغيير الحالية تأتي على حساب الإستقرار والأمن والحريات ، إذ إن الدساتير والتجارب الطويلة في أمريكا وأوربا وفرت بيئة سياسية تضمن عدم التجاوز عبر مجموعة من القيود والتوازنات التي فرضها إجماع شعبي عليها في تلك البلدان. بينما المطلوب هنا أن تقفز شعوب منطقة الشرق الأوسط من أوضاع سياسية متخلفة إلى فــراغ كبير تتصارع فيه على أمـــل الوصــــول إلــــى التجربة ( الديمقراطية ) المطلوبة .
بإمكان الأنظمة العربية ، أو ما تبقى منها ، وخاصة الخليجية ، أن تسحب البساط من تحت هذه ( المؤامرة ) وتتبني برامج تؤدي إلى بناء مجتمعات أكثر وعياً عبر إدخالها في تجارب محلية تبني شخصية وثقافة جديدة لهذه المجتمعات تضمن بها إستمرارية الأمن والرخاء وترفعها إلى مصاف المجتمعات المتقدمة وتحافظ على ما تحقق لها من منجزات لا ينكرها إلا مريض أو جاهل .
ص.ب 2048 جدة 21451 adnanksalah@yahoo.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store