Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المواطنة والوطنية والتعصب القبلي (1)

المواطنة والوطنية، يجب أن نُفرِّق بينهما.

A A
المواطنة والوطنية، يجب أن نُفرِّق بينهما. فقد أشار الدكتور أحمد الدبيان مدير المركز الإسلامي بلندن في كتابه (المواطنة والوطنية) إلى أن الوطنية مرتبطة بالوطن والشعور به، ومحبته والولاء له، والتعاطف مع مكوّناته، وما فيه من تقاليد وعادات وشعارات. أما المواطنة فمرتبطة بالدولة والعلاقة بها، كون الدولة مصدر المواطنة ومرجعيتها، وهي التي تشرّعها بما تُقدّمه من أنظمة وحقوق لمواطنيها، وما تطلبه منهم من واجبات، ويتضح ذلك من الناحية العملية.
إن شعوب دول العالم العربي التي قامت بها ثورات ما يُسمَّى الربيع العربي؛ كانت تُعاني من مشكلات في المواطنة وليس في الوطنية، وانطلقت فيها مظاهرات. فقامت الناس وطالبت بحقوقها الموجودة في النظم والدساتير وبإزالة الأنظمة السياسية التي تُمثِّل إدارة الدولة وإدارة مؤسساتها.
وقد أوضح الدكتور الدبيان في كتابه بأن ثمة فهماً غير دقيق ظهر في مجموعة من الدراسات والكتب والأبحاث تقوم على تصوّر أن التربية والتعليم والمناهج هي التي تصنع المواطنة، تتمثّل بتربية الإنسان على المواطنة معرفة وتطبيقًا، وغرس قيمها فيه، ويظهر ذلك في تطوير الشباب كي ينخرطوا في العمل على تلبية حاجاتهم الأساسية، وحاجات مجتمعهم، وأن يشعروا بالرعاية والاطمئنان وتحقيق ذواتهم؛ من خلال شعورهم بأنهم محترمون، ويتمتعون بقيم روحية عالية، وأن يبنوا ويطوّروا الاستراتيجيات الضرورية لحياتهم، وبناء وطنهم ودعمه، ويلتزموا بقواعد المجتمع وقوانينه، مؤثّرين بشكلٍ واضح في فعاليات الحياة اليومية بأمانة واحترام، وبشجاعة والتزام، وبالقيم الأساسية الأخرى للمواطنة، وهذا يجعل المواطن هو المنتج للمواطنة، وينبغي أن يطالب بها لكي تتحقق داخل مجتمعه. وهذا كما يشير الدكتور الدبيان ليس بصحيح، فالمواطن نفسه هو أساس المواطنة، ولكن ليس هو الذي يصنعها، بل مصدر المواطنة وصانعها هو الدولة، بما تصنعه من قوانين، وما تسنّه من تشريعات، وما تُطبّقه من نظم إدارية وخدمات، وما تُوفِّره من حقوق ومساواة، ومشاركة وعدالة، وما تسعى إليه من رفاهية لمواطنيها، وجميع المناهج الدراسية، حتى مناهج الدول الغاشمة العنيفة مع شعوبها؛ تنادي نظريًا بالمواطنة والحقوق، وتُمجِّد العلاقة المثيرة بين الدولة والمواطن، ولكن ذلك كله لم يُحقِّق لها المواطنة بمعناها الحقيقي، لأن تلك الدول بما لديها من تنظيمات غير عادلة وممارسات غير حضارية إنما هي ضد المواطن. فالمواطنة تتميّز بأنها شعور ديناميكي متبادل بين الدولة والمواطن، يجعل الطرفين يتبادلان منافع وعلاقات متلازمة تحكمها مشاركة وأنظمة، وحقوق وتشريعات.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store