Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لغة الإعلام في اليوم العالمي للغة العربية

الإعلام هو أقوى مؤثر في زماننا، يستطيع إبراز الحقائق أو طمسها بقدرة مهارة التوظيف له، ومن ذلك اللغات فاللغة التي تسيطر على وسائل الإعلام تستطيع أن تكون لغة مسيطرة على الناس، وبقدر استخدام اللغة استخدا

A A
الإعلام هو أقوى مؤثر في زماننا، يستطيع إبراز الحقائق أو طمسها بقدرة مهارة التوظيف له، ومن ذلك اللغات فاللغة التي تسيطر على وسائل الإعلام تستطيع أن تكون لغة مسيطرة على الناس، وبقدر استخدام اللغة استخدامًا صحيحًا في وسائل الإعلام تحتفظ اللغة بانتشارها بين الناطقين بها فضلًا عن إيصال الرسالة الإعلامية إلى المتلقين، بل إن نشر اللغة الأم والحفاظ عليها هو رسالة من رسائل الإعلام وهذا ما هو مأخوذ به في الدول المتقدمة علميًا.
وبعض اللغات - ومنها العربية - تعرضت لمحاولات كثيرة من الداخل والخارج لإضعافها وهي ليست بالجديدة ولن تكون الأخيرة، ولولا القوة الذاتية في اللغة العربية لغابت عن الوجود، ولكن حملات إضعافها قد أثرت بالرغم من الجهود والصمود أمام هذه الحملات، وليس المجال مجال عرض لما تعرضت له من وسائل الإعلام ولا مجال تعريف بجهود المخلصين للدفاع عنها.
سأقتصر على إشارات عن لغة الإعلام في وقتنا الحاضر مما يظهر ما تتعرض له اللغة العربية في وسائل الإعلام وما تحتاج من أبنائها من جهود لمواجهة الصراع الثقافي بين الثقافات وما تبعه من هزيمة حضارية لدى بعض المنتسبين للغة الضاد:
أولًا: من أظهر ما يشاهد الهرولة من بعض العرب نحو لغات الثقافات المهيمنة في التعليم والإعلام وقد وصل الحال ببعضهم إلى القول:إن العلم لا يُفهم من الطلاب إلا بلغات أجنبية، ولعل هذا من أسباب انفراد العرب دون شعوب العالم بتدريس العلوم بغير العربية وهو خلاف ما قررته اليونسكو من أنه لا ثبات للعلم إلا باللغة الأم، وامتد هذا الأثر إلى وسائل الإعلام التي أصبحت اللغات الأجنبية تمتلك زمام أكثرها بل يبادر بعضهم إلى الحديث باللغة الأجنبية في مؤتمر منعقد في بلاد عربية والأغرب أن يخالفه الأجانب فيتحدثون باللغة العربية.
ثانيًا: إغراق الإعلام التفاعلي في استخدام اللغات الأجنبية والكتابة بحروف لاتينية، حتى وصل الحال أن بعض المغردين يكتب اسمه بحروف أجنبية وإن كان يرسل تغريداته بالعربية أما اللحن والأخطاء الإملائية فيما كتب بالعربية فهو كثير جدًا.
ثالثًا: في إذاعات الإف إم، تجرأت هذه الإذاعات على استخدام رموز أجنبية تختصر اسم الإذاعة وتجنبت استخدام الحروف العربية رموزًا ثم شجعت المذيعين على التخاطب بلهجات عامية مستوردة بل استوردت مذيعات لذلك، وللأسف أن يتنافس العرب في لهجاتهم العامية في الإذاعات والتلفازات بعد أن كانوا يتنافسون في فصاحة اللغة ويدققون تدقيقًا كبيرًا في سلامة لغة المذيع من كل وجوه اللغة.
رابعًا: الإعلان في الإذاعة والتلفاز والصحافة ووسائل الاتصال الاجتماعي انحاز في أكثره إلى اللهجات العامية بل أحيانًا يستخدم كلمات عربية ملحونة بحجة جذب انتباه المستهلك، وتستطيع القول: إن الالفاظ العامية اكتسحت الإعلان في وسائل الإعلام.
لا خوف على اللغة العربية فقد كابدت الأزمات ولم تندحر بل خرجت منتصرة بالرغم من قوة الهجمات التي وجهت إليها، وهي محفوظة ما دام القرآن الكريم يتلى، ولكن الخوف على العرب من روح الهزيمة الثقافية التي اجتاحت وسائل إعلامهم، كانوا يخشون الأخطاء الشائعة فآلوا إلى هرولة نحو اللغات المهيمنة في وضع يستدعي الشفقة أحيانًا، في حين أن شعوبًا لا تتجاوز الآلاف - وليس لديهم الثراء اللغوي العربي - لا يتزحزحون قيد أنملة عن الثبات على لغتهم.
لا بد من التفريق بين تعلم اللغات فهذا مطلوب للتواصل مع الثقافات وأخذ العلم وأمر آخر وهو الزهد في اللغة الأم في مجالي التعليم والإعلام فهذا اقتحام لحصون اللغة الأم وتفريط في الإرث الحضاري الثري.
ليس المطلوب التفريط المخل ولا الالتزام المنفر، فلغة الإعلام لغة سهلة ميسرة ليست معجمية لا يفهمها إلا المختصون مما يحد من وصول الرسالة الإعلامية ولا عامية ساذجة، أو لغة وافدة (أجنبية أو عامية) بل هي لغة ملتزمة بقواعد اللغة العربية ومدلولاتها، يفهمها متوسط الثقافة ولا تزعج المثقف باللحن أو الخطأ.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store