هدر وقت المواطن بين الأمانة والمكاتب الهندسية

لا شك أن محافظة جدة توسعت بشكل لافت، وترامت أطرافها، وأصبح فيها أكثر من 100 مخطط سكني يغطي جزءًا من مساحتها المترامية. وقد كان قديمًا يمارس فيها البناء بشكل عشوائي غير منتظم، أما اليوم فقد أدخلت الأمانة الكثير من التحسينات على قطاعاتها المختلفة، بحيث ضبطت حركة البناء بشكل مُخطّط له، ويخضع للكثير من الإجراءات المكتبية والهندسية والميدانية.
المشكلة التي تواجه العديد من الراغبين في البناء أو تسوير أراضيهم البيضاء للحفاظ عليها من التعدي أو البناء عليها من قِبَل الخارجين على القانون، أو الاستيلاء عليها من قِبَل لصوص الأراضي، أو لأي سببٍ آخر يُؤخِّر إجراءاتها، هو عقم العمليات التي تتم منذ مراسلة المكتب الهندسي للأمانة لاستخراج الكروكي التنظيمي حتى إنهاء إجراء الموافقة على منح الكروكي من الأمانة.
والمعضلة التي تواجه الناس أن الأمانة أثناء تدقيقها للطلب والرسومات المرفقة من قِبَل المكتب الهندسي تجد أن هناك ملاحظات يجب استيفاؤها من قِبَل المكتب الهندسي؛ حتى تتم الموافقة على الطلب، ولن تصدر الموافقة من الأمانة حتى يُصحِّح المكتب الهندسي الملاحظات، ومن ثم تُرْسَل مرة أخرى للأمانة.. وأحيانًا قد تأخذ المعاملة عدّة شهور بين غدوها ورواحها بين الطرفين، حتى يمل المواطن من طول الانتظار، وإذا لم يتابع المواطن المعاملة شخصيًا أو إلكترونيًا مع الأمانة بصفةٍ متواصلة، فقد تأخذ المعاملة عدة سنوات دون إنجاز.
كلمة حق، إن معظم هذه الأخطاء صادرة من المكاتب الهندسية التي تقوم بإجراءات الرفع المساحي وتحديد المواقع وربطها بالإحداثيات.. وغيرها من الإجراءات التي تتطلبها الأمانة، وهذا التنظيم متعارف عليه لدى معظم المكاتب الهندسية، ولكن نظرًا لعدم وجود إجراءات صارمة تجاه هذه المكاتب، فإن جودة العمل ودقّته تكون في معظم الأحيان متدنية وغير مطابقة للمواصفات التي تتطلبها الأمانة، ولذلك ترد المعاملات للجهة الصادرة منها (المكاتب الهندسية) لتصحيح الأخطاء وتصويبها، وهذا في حد ذاته يأخذ عدة شهور.
إن توجيهات خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- واضحة وصريحة، وهي خدمة المواطن ورفع المعاناة عنه وعدم تعطيل مصالحه، ولذا فمعظم الناس ليس لديهم الوقت الكافي لكي يصرفوه في المشاوير بين الأمانة والمكاتب الهندسية التي لا تقوم أغلبها بواجباتها على أكمل وجه، وتختلق الأعذار والتسويفات للمواطن حتى يصيبه الملل من جراء عدم مصداقيتها فيما تقدم من أعمال، رغم أن ما تقوم به من عمل هو مدفوع القيمة، وليس لأحد فضلٌ فيه، ولكن كما يقولون: من أمن العقاب أساء الأدب.