تفردت مملكتنا الغالية، بخصوصية جعلتها مختلفة عن سائر بلاد العالم، فهي محط أنظار المسلمين ومهوى أفئدتهم، باعتبارها أرض المقدسات الإسلامية، التي شرفها الخالق جلَّ وعلا بالحرمين الشريفين، وبهما تبوأت مكانتها الدينية والروحية الرفيعة في قلوب المسلمين، فبارك الله في ترابها وإنسانها وقادتها، مما أكسبها تألقها الإنساني الذي صارت بموجبه مملكة الإنسانية، صاحبة اليد العليَّة السخية، الممتدة بالكرم والعطاء لسائر البشرية، بدعمها المنظمات الخيرية، والهيئات العالمية، عوناً وعضداً لعامة الناس عند الكوارث الطبيعية، والنوازل الاجتماعية والاقتصادية والأزمات المالية المفاجئة التي تحل بكثير من دول العالم، فتتصدى لكل ذلك بقوة الإيمان وسلامة النوايا، بعطاء لا يتوقف عند أهل الفاقة والحاجة، بل يطول أهل الإمكانات والمقامات من دول العالم المتقدم إذا اهتزت موازينها وطلبت العون.
هذا ما درجت عليه مملكة العطاء من تعاملات تنسجم شكلاً وموضوعاً مع قيمها الموروثة لنجدة الملهوف، ومع تعاليم ديننا الحنيف الداعي للمحبة والوئام والأمن والسلام والتكافل بين الأنام، دون تفريق بين الأعراق والألوان والطوائف والمذاهب، كما أن عطاء المحسنين وأهل الخير، ووقفاتهم التاريخية المشهودة تؤكد أنها نتيجة طبيعية لما تمليه الأخلاق والمروءة والإنسانية، وتفرضه الشراكة الحقيقية بين هؤلاء المحسنين وأجهزة الدولة، الذين تشهد مواقفهم الخيِّرة أنهم دفعوا من مالهم وحلالهم لمثل ما تقدم من ظروف، كما تفعل الدولة أو أكثر.
من عجائب الأمور أن الغرب يعرف جيداً مواقف المملكة النبيلة، وكيف ظلت تمد يدها سخية لنجدة الملهوف وعون من يلزمه العون، دون منٍّ ولا أذىً كلما اهتزت ميزانية دولة من دول العالم، وأحياناً يبعث الغرب مندوبه أو مناديبه يستنفرون المملكة لتنوب عنهم في دعم تلك الدولة أو لمساعدة أي جهة من الجهات، فتهب مملكة الخير للإسهام في محاصرة مشكلة الجهة المتضررة، قبل أن تعلن إفلاسها الحتمي الذي كانت ستمنى به لا محالة، وبمجرد أن تتنفس الصعداء وتعود الحياة لاقتصادها مجدداً، نتيجة الدعم الذي سرى في شرايينها خيراً وبركة، وبمجرد زوال حالة الضيق والشدة، سرعان ما ينسيهم الرخاء تلك اللحظات العصيبة، فيكون للغرب حينها الربح والفائدة وحده بلا حياءٍ ولا خجل.
فمتى سيقدم كل طرفٍ جدول حساباته المتضمن ما قدمه؟ أما آن لهذا الميزان أن يعدل ويصدق الوزن فتتساوى الكتوف؟ أما آن الوقت لترفيع من يستحق الترفيع والاعتراف بفضله ومواقفه المشرفة؟ فليس من العدل أن يظل الحال على ما هو عليه، لأننا كبار بأعمالنا ومواقفنا التي لا ينكرها أحد وسنظل كذلك إن رضي الكبار أو أبوا، فالمقامات تقاس بالعطاء وليس بهضم حقوق الآخرين، وسيبقى شعارنا دائماً وأبداً (علينا العطاء ولا ننتظر الثناء).
علينا العطاء ولا ننتظر الثناء
تاريخ النشر: 14 مارس 2014 03:47 KSA
تفردت مملكتنا الغالية، بخصوصية جعلتها مختلفة عن سائر بلاد العالم، فهي محط أنظار المسلمين ومهوى أفئدتهم، باعتبارها أرض المقدسات الإسلامية، التي شرفها الخالق جلَّ وعلا بالحرمين الشريفين، وبهما تبوأت مكا
A A