أعجب كثيرًا عندما أسأل نفسي: لماذا تزدهر السياحة لدى الآخرين أكثر من ازدهارها في وطننا الغالي؟ أعلم أنه لا توجد إجابة منطقية لهذا السؤال الحائر، فإذا كانت أسباب نجاح هذه الصناعة العصرية تتمثل في المقومات السياحية الجاذبة، فالمملكة العربية السعودية تعج بإمكانات قل أن توجد في مكان آخر، وتذخر بمقومات متكاملة من فنادق وشقق مفروشة وكبائن بحرية ومطاعم عالمية، وتتفرد المملكة بمناطق أثرية ذات دلالات تاريخية عريقة ومصايف ساحرة تضارع بأجوائها المتباينة مثيلاتها عالميًا، بالإضافة لصحارٍ تتنوع بيئاتها ولها عشاق ومحبون، وعندنا ما هو أهم وأعظم بل ما يميز هذه البلاد الطاهرة عن غيرها، أقصد السياحة الدينية -إذا جازت التسمية-، لقد أولت الدولة أهمية قصوى لقطاع السياحة، فأنشأت لها مجلسًا أعلى يرعاها ويعنى بتطورها لتنافس السياحة العالمية وتتفوق عليها، أليس من المفترض أن يكون الإقبال أكبر بصورة تُناسب الجهود المبذولة جذبًا وإغراءً؟ بلى فجاهزية المرافق واستعدادها جديرة بالتطلع للأفضل والإقبال الأكبر، فقد بدأ السياح يتعرّفون على كنوزنا السياحية الداخلية، فهي تستحق الاهتمام حتى تتوّج بإدراك أهدافها المنشودة التي تعمل الهيئة العامة للسياحة والآثار لتحقيقها، بقيادة رئيسها الرائع وربّانها الماهر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان حفظه الله.
ظلت القيادة الرشيدة تدعم جهود الهيئة في حقل الاكتشافات الأثرية، فتم تأسيس وحدة أبحاث لدراسة البيئات، وسيستخدم الباحثون تكنولوجيا الأقمار الصناعية لرسم التضاريس والتي من المتوقع أن تظهر عشرات الآلاف من المواقع الأثرية غير المعروفة في الصحراء العربية، وتفعيلًا لهذه التحركات النشطة فقد افتتح الأمير سلطان بن سلمان -حفظه الله- مؤتمر (الجزيرة العربية الخضراء) الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع جامعة أكسفورد في مدينة أكسفورد البريطانية، بمشاركة علماء آثار وبيئة من المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية، ففي بداية فعاليات المؤتمر عرضت كلمة مسجلة لصاحب السمو الملكي الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، عبّر من خلالها عن حرصه على هذا المؤتمر الذي يركز على قضيتين تحظيان باهتمامه، أولاهما (فهم الحضارات)، وثانيهما (التغيرات المناخية). بينما صرح الأمير بأن مشروع الجزيرة الخضراء الذي تعمل عليه الهيئة من خلال فرق عمل سعودية، تساندها فرق من علماء الآثار من مراكز بحثية مرموقة عالميًا، فهذا المشروع يُعدُّ عنصرًا مهمًا في مشروع أكبر وأهم، هو مشروع (الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري)، ويهدف مشروع الملك عبدالله لإعادة الاعتبار للآثار والتراث الوطني، ودراستهما وفهمهما وربط المواطنين بهما، باعتبارهما صفحات مشرقة من تاريخنا المتوج بشروق شمس الإسلام.
كما شهـدت منظمـة اليونسكو الأسبوع المنصرم محتضنـة معرضًا حول الآثار في المملكـة العربيـة السعودية افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان مع مدير عام اليونسكو وبحضور عـدد كبير من سفراء العالم المعتمدين لدى هـذه المنظمة الدوليـة إضافـة إلى الشخصيات العامة المهتمة بالاكتشافات الأثريـة الكبيرة في ربوع المملكـة المختلفـة.. وأثنى الجميع على روعـة تلك التحف الأثريـة النادرة المزروعـة في أحضان المملكـة العربيـة السعـودية.
ورغبة في تعميم الفائدة لا بد من توضيح أن قطاع السياحة يُشكِّل 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي و6.9% فيما لو استثنينا المردود النفطي، بحيث إن الإيرادات من السياحة وصلت إلى 40 مليار ريال عام 2008 و66 مليار ريال عام 2010، ويتوقع لها الوصول إلى 118 مليار ريال عام 2015 ونحو 232 مليار ريال عام 2020م.
فلا بد لشواهد الآثار أن تثبت تفوق إنسان الجزيرة العربية عبر العصور، لأن المساعي الكبيرة كلها تصب في شرايين الإرادة الرامية لبناء أساس قوي لصناعة سياحية عالمية تناسب إمكانات هذا البلد ومكانته الرفيعة، كما تؤكد هذه الجهود أن الهيئة عازمة على تحقيق الأهداف وبلوغ المرامي، وأن عشاق السياحة موعودون قريبًا بسياحة مميزة بكل المقاييس.
عشاق السياحة موعودون بعهد سياحي جاذب
تاريخ النشر: 13 أبريل 2014 03:22 KSA
أعجب كثيرًا عندما أسأل نفسي: لماذا تزدهر السياحة لدى الآخرين أكثر من ازدهارها في وطننا الغالي؟
A A