نعم؛ هي قارورة مكوَّنة من ماء في علبة بلاستيكيَّة، هكذا اعتبر عيسى بن حميد الشمري، الباحث والمتهّم بالرُّقية والعلاج بالقرآن الكريم أنَّ الرُّقية الشَّرعيَّة "كثير منها فيها تجارة"؛ لأنَّ الكثير من العاملين في هذا المجال يبحثون عن الكسب المادي.
وأضاف الشمري في حلقة الجمعة قبل الماضي من برنامج "لماذا؟" الذي بثَّته القناة السعودية الأولى ويقدّمه الأستاذ ناصر حبتر بالقول: إنَّ "بعض النَّاس يعالج عن طريق خلطات وأعشاب وبعض الأدوية والعقاقير وبعض الحركات التي يجيدها في مسك المريض.. فأصبحنا نقع في أخطاء".
وجوهر حديث الشمري يدور حول استغلال حاجة المرضى وذويهم فأصبحوا يبيعون لهم الماء حتَّى وصل سعر القارورة إلى خمسة آلاف ريال والسبب- كما يعبِّر الشمري- أنَّه مقروء عليها سورة البقرة كاملة مرَّة في الصَّباح ومرَّة في المساء.
إنَّ الرُّقية الشَّرعيَّة مطْلب شرعي سواء اعتلى المؤمن المرض أم لم يعتله فالنَّفوس المؤمنة تثوب إلى القرآن، كما تسعى إلى التَّحصين به والاستجابة لآياته والتفاعل معها؛ ولكنَّ الكثير من المرضى كثيرًا ما تغريهم وتخدعهم مداخل بعض الرٌّقاة وهم يتدثَّرون عباءة الدِّين، ويلبسون لباس الوقار في مجتمع أغلبيّته متديِّن بطبعه، ومجبولٌ على الإيمان بفعل عوامل البلد، والبيئة، والعرق- بحسب صاحبنا الجاحظ-، أو بحسب النَّاقد تين الذي سار على ذات النهج.
فإذا كانت القارورة الواحدة بهذا المبلغ الكبير فإنَّ بتقليب القراءة- كنهج النَّاقد الأستاذ الدكتور حسن النّعمي- نستبين مكامن المسْتور، نكشف المخبوء والمدسوس؛ فليست القارورة المزعومة سوى لباس آخر لجلب المال وتكسّبه، وحيلة تنطلي على السُّذج، كما انطلت غيرها من الحِيل والألاعيب.
الشَّيء اللافت هنا أنَّ النَّاس طواعية تدفع، وتستمر في ذلك الدَّفع دون وعي؛ وبل إنَّهم يستمرئون في ذلك دون أدنى شكٍّ أو رِيبة حول مدى مصداقيَّة ذلك البائع المحتال تحت ذرائع الرُّقية، حتَّى تعلَّق أغلب المرضى بذات الرَّاقي، وتلك القارورة المزعومة؛ وهنا مكمن الخطر، بوصف التَّعلق هذا بابًا من أبواب الشِّرك والعياذ بالله.
وتساوقًا مع كلِّ ذلك نرى هيئة الغذاء والدَّواء تطلق بين الفينة والأخرى تحذيراتها جرَّاء الغش والتَّدليس، الذي يمارسه بعض الرُّقاة على النَّاس في العلاجات المزعومة التي يروّجونها عليهم، بسبب احتواء بعض خلطات الرُّقية الشَّرعيَّة على بعض الأدوية والمواد الكيماويَّة، التي لها مفعول وآثار جانبيَّه ضارَّة، بينما يدَّعي بعض الرُّقاة القراءة فيها وبيعها علنًا.
إنَّه الجَهل وقلِّة الوعي والسَّذاجة حدَّ البلاهة، أو كما يقول الكاتب صالح الشيحي: "إنَّ الجهل بضاعة فعلًا.. وبضاعة ثمينة لدى البعض.. وهنا من يجمع الثروات الطَّائلة من انتشار الجهل بين النَّاس.. كلَّما انتشر الجهل بين النَّاس ازداد نفوذًا وثراء.. لا يزال "بعض" الرُّقاة يستمرئون استغلال آلام ومعاناة وحاجة النَّاس للعلاج من جانب، وجهلهم من جانب آخر؛ فيجمعون من ورائهم أموالًا طائلة.. ولأنَّ المسألة تجاريَّة.. بيع وشراء.. تاجر وزبون.. فإنَّ وسائل البيع والعرض تتطوّر باستمرار.. كلَّما طوّرت أدواتك ربحت بشكلٍ مضاعف.. كلَّما استثمرت جهل النَّاس تنامت ثروتك بشكلٍ سريع".
لتر ماء بـ 5000 ريال!
تاريخ النشر: 02 مايو 2014 05:43 KSA
نعم؛ هي قارورة مكوَّنة من ماء في علبة بلاستيكيَّة، هكذا اعتبر عيسى بن حميد الشمري، الباحث والمتهّم بالرُّقية والعلاج بالقرآن الكريم أنَّ الرُّقية الشَّرعيَّة "كثير منها فيها تجارة"؛ لأنَّ الكثير من
A A