هلع حوادث المرور يصاحب كل سائق يضع يده على مقود سيارته، ولا أظن سائقًا في أي مشوار قصير أو طويل لم يكن قلقًا أو متوقعًا لحادث أو سلمه الله من تهور متهوّر.
ارتفعت درجة الهلع من فايروس "كورونا" وللناس الحق في ذلك، فهو مرض فتاك، ولكن حوادث المرور أكثر فتكًا منه، فهي قد فتكت بالآلاف ومازالت بل كل سائق يتوقع هذا الخطر، وإذا كان حامل فايروس كورونا يمكن معرفته، وتوجد وسائل سلامة للسلامة منه، فإن خطر حوادث المرور يأتي من حيث لا يحتسب من يكون ضحية لها: من شاب يراوغ بين السيارات، أو قاطع إشارة، أو متجاوز خطأ، أو داخل من طريق فرعي أو خارج من طريق رئيس دون إشارة، أو صبي دفعه والده لإهلاك البشر، أو سكران أو مدمن مخدرات، أو مشغول بالجوال، أو سائر بسرعة جنونية، أسباب كثيرة، أو هي فيروسات أخطر من كورونا، في كل شارع أو طريق لا يدري السائر من أين تأتيه،
من مات من كورونا حتى الآن حوالى 90 متوفي، ومن يموت بحوادث المرور في كل يوم 17 متوفى حسب الإحصاءات بل بعض الإحصاءات أشارت إلى وفاة كل دقيقتين، فأيهما أخطر؟ ليس هذا للتقليل من خطر كورونا، ولكن للإشارة إلى الجهود الكبيرة المبذولة لمحاصرة هذا المرض وللإشارة إلى عدم وجود جهود لمكافحة الخطر الأعظم الآخر تتكافأ مع أخطار حوادث المرور.
تيسر لي في الاشهر الماضية زيارة عدة دول منها المتقدم ومنها ما هو في شرقنا العربي، ولم أر حوادث حتى لو كانت ضئيلة، وكدت أجزم أن حوادث المرور ضمن الخصوصية التي تتكرر على ألسنة كثير منا، مع أن طرقنا أفضل وسياراتنا أحدث، لكن سائقينا أكثر تهورًا وعدم التزام بوسائل السلامة، وإدارة مرورنا لم تعلن حالة الطوارئ لضبط كل متهور كما هو الحال مع خطر كورونا.
نشرت المدينة يوم الاثنين 28/6/1435هـ أن عدد مخالفات قطع الإشارة في المدينة المنورة وحدها وخلال 6 أشهر بلغ (10556) مخالفة أي 352 مخالفة يوميًا، منها (9240) مخالفة من المواطنين و(1316) من المقيمين، وهذا العدد الكبير في منطقة واحدة، وفي نصف سنة، يعني أنها خلال السنة ستزيد عن عشرين ألفًا، فكم عدد المخالفات الأخرى؟!
وقد رأيت في المدينة المنورة من يقطع الإشارة ويعكس السير في الوقت نفسه، أليس في ذلك ما يدعو إلى حملة كحملة كورونا لاجتثاث هذا الخطر الذي يميت، ويعيق، ويسبب أمراضًا نفسية ويتمًا وترملًا؟!
فايروس كورونا خطير، وجهود مقاومته جهود مشكورة، وستثمر إن شاء الله، ورحم الله من هلك به دون مجازفة بحياته، ولكن خطر حوادث المرور أكثر خطورة، ومن مات به مات بسبب مجازفته بحياته أو تسبب مجازف آخر في ذلك، وإذا بقي الوضع كما هو بالاكتفاء بساهر في الطرق السريعة أو المنعطفات أو أماكن التخفي، فإن هذا الخطر سيبقى يحصد الأرواح، ما لم تكن هناك حملة كالحملة على فايروس كورونا، تبدأ بدون نهاية، لا يستثنى منها أي مخالف، إبقاءً على حياته وحياة الآخرين.
بين كورونا وحوادث المرور
تاريخ النشر: 05 مايو 2014 02:04 KSA
هلع حوادث المرور يصاحب كل سائق يضع يده على مقود سيارته، ولا أظن سائقًا في أي مشوار قصير أو طويل لم يكن قلقًا أو متوقعًا لحادث أو سلمه الله من تهور متهوّر.
A A