من بداية الإعلان عن اختفاء الطائرة الماليزية من صنع شركة بوينج الأمريكية طراز 777 خلال رحلتها M370 من مركزها الرئيس في مطار كوالالمبور إلى بكين في الصين ركزت جهود البحث والإنقاذ على إيجاد أي شيء من حطام الطائرة المنكوبة لمعرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك الحادث المفجع.
وبعد أن جندت الحكومة الماليزية وعدد من الدول المهتمة بالحادث كل إمكاناتها وبعد مرور أكثر من ستين يومًا أعلنت الحكومة الأسترالية إيقاف البحث بواسطة الطائرات وربما تلا ذلك وسائل البحث الأخرى.
من بداية تاريخ الطيران المدني - في الربع الثاني من القرن العشرين- كانت الجهود تركز على العثور على أسباب الحادث - بعد العثور على الصندوق الأسود وحطام الطائرة- وبعد إجراء التحقيقات والتحاليل المخبرية على بعض أجزاء الطائرة أو جثث المفقودين. وعلى هذا الأساس تم العثور على كل الحوادث، وتم التحقيق فيها، وحددت المسؤولية، ورصدت الدروس المستفادة، واتخذت الإجراءات اللازمة بإدخال تعديلات على أنظمة الطيران والمواصفات القياسية، والمعدات وممارسة الأفراد من فنيين وطيارين وملاحين الذين قد يكونون سببًا في الحادث.
وكما سبق أن ذكرت في مقالٍ سابق عن تقنية الطيران وتقدم الاتصالات، وكيف أنه من الصعب جدًا على أي طائرة تطير بموجب الأنظمة والقوانين التي تحكم صناعة النقل الجوي والمتفق عليها عالميًا، أن تختفي الطائرة ولا يوجد لها أثر. إلا أن الوقت الذي مضى على حادث الطائرة الماليزية ولم يعثر على أي أثر لها يثير شكوكًا كبيرة.. وأصبح الأمر في غاية الأهمية، حيث أن ذلك سيُوثِّر على صناعة النقل الجوي سلبًا في السنوات القادمة، وقد يُوثِّر على صناعة السياحة العالمية أيضًا.
صناعة النقل الجوي نشأت ونمت حتى أصبحت أساسية بناءً على الثقة والمصداقية والتعاون بين الدول الصانعة والمشغلة للطائرات، وأي حدث يخل بتلك الثقة والتطور - المبهر- الذي تكوّن خلال مسيرة الطيران المدني سيُشكِّل تحديًا كبيرًا ينبغي التغلب عليه قبل أن يتحوّل إلى معضلة تعيق عمليات صناعة النقل الجوي وسرعة نموه.
الاحتمالات المحيطة باختفاء طائرة كبيرة الحجم وعلى متنها 239 راكبًا وملاحًا أقلعت من مطار معروف.. وسلكت خط سير دولي معروف.. وتحت رقابة رادارية وأجهزة اتصالات موثوق بها.. ولا يوجد لها أثر بعد مرور ما يُقارب الشهرين على اختفائها أصبحت مقلقة للغاية، ولابد لمجتمع الطيران المدني الدولي من التحرك سريعًا للبحث، حيث لم يسبق أن اختفت طائرة بهذا الشكل، ولم يوجد لها أثر.
المنظمة الدولية للطيران المدني (الأيكاو ICAO) التي تشارك في عضويتها كل دول العالم بصفتها أحد منظمات الأمم المتحدة المتخصصة والمعنية بسن القوانين وأنظمة الطيران والمواصفات القياسية الخاصة بالأمن والسلامة ومراقبة تنفيذها. كما أن المنظمة معنية بكافة شؤون الطيران وصناعة النقل الجوي التي ترعرعت تحت مظلتها، حتى أصبحت بالمستوى الذي يشهده العالم اليوم. والحفاظ على سلامة الملاحة الجوية يعد ركيزة جوهرية للصناعة، وكل الدول تتعاون وتلتزم بكل ما يصدر عن المنظمة من تعليمات حرصًا على مصالحها وتجنبًا للعقوبات الدولية في حالة المخالفة أو عدم الالتزام بالقوانين والمعايير والمواصفات الدولية المتفق عليها بالإجماع والمنصوص عليها في المعاهدات الدولية الحاكمة لتلك الصناعة.
ومنظمة (الإياتا IATA) التي تضم في عضويتها كل شركات الطيران المدني في العالم - تقريبا- معنية بالأمر مباشرة لأن شركة طيران ماليزيا عضوًا في تلك المنظمة التي تحرص على متابعة ممارسات شركات الطيران على مستوى العالم بصفة مستمرة من مقرها الرئيس في جنيف ومونتريال - بكندا.
وبرغم أنني سبق وأن استبعدت عملية الاختطاف في مقالٍ سابق وقلت: إن الطائرة سقطت في البحر بشكل شبه جازم إلا أن نتائج البحث والإنقاذ المخيبة للآمال - رغم مشاركة ما يزيد على 26 دولة- تعيدنا للمربع الأول، وتضغط من أجل فتح باب احتمالات أخرى لاختفاء تلك الطائرة. ولذلك لابد من التأكيد بأنه من الضروري كشف أسرار اختفاء تلك الطائرة الماليزية بركابها مهما كان الثمن من أجل مستقبل النقل الجوي بصفة خاصة، وحرصًا على مستقبل السياحة والاقتصاد العالمي بصفة عامة.. والله من وراء القصد.
Salfarha2@gmail.com
اختفاء الطائرة الماليزية.. معضلة كبرى للنقل الجوي
تاريخ النشر: 08 مايو 2014 02:14 KSA
من بداية الإعلان عن اختفاء الطائرة الماليزية من صنع شركة بوينج الأمريكية طراز 777 خلال رحلتها M370 من مركزها الرئيس في مطار كوالالمبور إلى بكين في الصين ركزت جهود البحث والإنقاذ على إيجاد أي شيء من حط
A A