Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«القدوة».. أرامكو نموذجًا

u00abu0627u0644u0642u062fu0648u0629u00bb.. u0623u0631u0627u0645u0643u0648 u0646u0645u0648u0630u062cu064bu0627

كانَ لي زيارةٌ قبلَ سنواتٍ عديدةٍ للهيئةِ الصِّناعيةِ في مدينةِ ينبع الخاضعةِ لاستراتيجيَّةِ أرامكو الحازمةِ؛ وأذهلني صبّ تلكَ المدينةِ في قالبٍ عصريٍّ؛ فكأنَّما هي جوهرةٌ كريمةٌ مخلوقةٌ من رحمِ ال

A A

كانَ لي زيارةٌ قبلَ سنواتٍ عديدةٍ للهيئةِ الصِّناعيةِ في مدينةِ ينبع الخاضعةِ لاستراتيجيَّةِ أرامكو الحازمةِ؛ وأذهلني صبّ تلكَ المدينةِ في قالبٍ عصريٍّ؛ فكأنَّما هي جوهرةٌ كريمةٌ مخلوقةٌ من رحمِ العلمِ؛ بناءً، وتخطيطًا، ومثابرةً؛ وذلكَ وفقَ رؤيةٍ علميَّةٍ دقيقةٍ خاضعةٍ للتَّطبيقِ، وليستْ خاضعةً للأهواءِ والاجتهاداتِ الشَّخصيَّةِ، والرّؤى العقيمةِ، والأيادِي المرْتَعشةِ التي لا تنبتُ إلاَّ الفسادَ، والنَّخرَ في رحمِ الوطنِ، والعبثَ به تحتَ مسميَّاتٍ وهميَّةٍ أو هلاميَّةٍ، أو توجُّهاتٍ فرديَّةٍ لا تستقيمُ للعقلِ والمنطقِ، ولا تمتُّ للوطنيَّةِ بأيةِ عرىً، ولا لنهضةِ البلدِ، وعمارةِ الأرضِ بأيِّ صِلَةٍ.
"أرامكو".. تلكَ الشَّركةُ العملاقةُ التي لا تعرفُ الهدوءَ، ولا أخالها تريدُ أن تعرفَهُ، لا لأنَّها تغرِّدُ خارجَ السِّربِ؛ بل لأنَّها اَسْتوعبتْ درسَ الجيناتِ المتوارثةِ التي تحملُها بعضُ المؤسَّساتِ الخدميَّةِ والدَّوائرِ الحكوميَّةِ، التي افتراضًا؛ أنْ تضْطلعَ بمسؤوليَّتها تجاهَ هذا البلدِ وخدمته بعدَ أن أُثْخنت بما تحملُه من طابعِ البيروقراطيَّةِ والمحسوبيَّةِ، وتضخُّم الأنا، كلّ تلك السِّياقاتِ تجرَّدتْ منها "أرامكو"، فصَرَفتها من حسابِها، وطلقتها من عقالِها، وطردتَها من حظيرتِها، فأنشأت المُدنَ الصِّناعيَّةَ، وأوجدت لنفسهَا ذلكَ العالمَ الخاصَّ بهَا؛ عَالمًا أقلّ ما يوصفُ به أنَّه عَالمُ المعرفةِ والعلميَّةِ، عالمُ الرُّؤيةِ والإستراتجيَّةِ دونَ أن تخضعَ لأيِّ سلطةٍ سوى سلطةِ العلمِ والعلمِ فحسبْ؛ فجمعتْ في رحمِها عوالمَ الأيادِي العاملةِ والمنتجةِ، والعقولِ المبدعةِ، ومن ثمَّة صهرتهَا في بوتقةٍ واحدةٍ تُعْرفُ بها، وتحملُ سيماها؛ فضلاً عن عالمِ الرَّاحةِ والسَّكينةِ والاستقرارِ لموظفيهَا، فأراحتهُم من عناءِ التَّسوّل، وسكبِ ماءِ الحياءِ، وطأطأةِ الرُّؤوسِ أمامَ الأبوابِ والبنوكِ حتَّى اختزلتْ بين جنْبيها كلَّ مقوماتِ النَّجاحِ والابتكارِ القائمينِ على أُسسٍ علميَّةٍ معياريَّةٍ تتلمَّسها في كلِّ مشروعٍ تُخْضعهُ لسلطتهَا.
تأمَّلتُ كلَّ ذلكَ وأنَا أقرأُ مقالَ: "ماذَا يعنِي أنْ تكونَ أرامكو هي الحلّ؟!" للأستاذِ الدكتورِ حسن النعمي الذِي نُشرَ يومَ الأحدِ من هذا الأسبوعِ في الزَّميلةِ عكاظ؛ عطفًا على الصَّدى الذي أحدثَهُ افتتاحُ مدينةِ الملكِ عبدالله الرياضيَّةِ مساءَ الخميسِ 1 مايو 2014 في جدّة، بعدَ أنْ "أبهرَ مشروعُ المدينةِ الجميعَ، سواء في التَّصميمِ، أو دقَّةِ الإنجازِ، أو سرعته"، وهي عواملُ تفتقدها -بحسبِ الدكتورِ النعميّ- معظمُ المشروعاتِ الحكوميَّةِ الأخرَى؛ بلْ إنَّ هناكَ وزاراتٍ تعجزُ عن إقامةِ أيِّ مشروعٍ له قيمتُه الحضاريَّةُ رغمَ الصَّرفِ الباذخِ على المشروعاتِ الحكوميَّةِ.
لقدْ أرسلَ الدكتورُ النعميّ حِزمةً من الأسئلةِ الملْتَهبةِ في سعي واثبٍ منه للبحثِ عن إجابةٍ تُكْشفُ الخللَ وتعرِّي السَّوءةَ، وهو يعقدُ المقارنةَ بينَ تلكَ المدينةِ الرِّياضيَّةِ وتساوقِها مع النَّجاحاتِ المتلاحقةِ لشركةِ أرامكو، في مقابلِ تلكَ الإخفاقاتِ المتلاحقةِ للمشروعاتِ الحكوميَّةِ الأخرَى وتعثُّرهَا.
إنَّ المعادلةَ التي يطرحُها مقالُ النعميّ حولَ المشروعاتِ الحكوميَّةِ تأخذُ منحى "الفشلِ"، أو "التَّأخرِ"، أو إنَّها "سيّئة التَّنفيذِ".
وعطفًا على تلكَ المناحي الثَّلاثة يدعُو النعميّ إلى محاولةِ استنساخِ تجربةِ أرامكو النَّاجحةِ والنَّاجعةِ؛ و"لكنْ للنَّجاحِ مواصفاتٌ قاسيَّةٌ"، ومعَ ذلكَ فمن المُضحكاتِ المُبكياتِ أنْ يكونَ اتِّكالُ بلدٍ بأكملِهِ على شركةٍ واحدةٍ هي سمة الجودةِ الوحيدةِ في البلادِ بحسبِ صاحبِ المقالِ!!
***
فاصلة:
"قالت وزارةُ العدلِ إنَّها تعانِي من تعثّر إنشاءِ 320 محكمةً"..
جريدةُ المدينةِ الاثنين 12/05/2014م.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store