Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عودة أمريكا إلى العراق..!

يحل على الأمة الإسلامية في هذه الأيام شهر رمضان المبارك، -شهر الرحمة والغفران، والعتق من النيران- والملايين في بلاد الشام والعراق مُعرّضة للجوع والعراء والتشريد من منازلها.

A A
يحل على الأمة الإسلامية في هذه الأيام شهر رمضان المبارك، -شهر الرحمة والغفران، والعتق من النيران- والملايين في بلاد الشام والعراق مُعرّضة للجوع والعراء والتشريد من منازلها. يعيشون الرعب والحرمان من الأمن والأمان، ويستنجدون بأمريكا لحمايتهم، وجبر انكسارهم، وستر عوراتهم، لأن حُكّامهم فضّلوا مصالحهم الذاتية على مصالح الأمة.
اهتمام أمريكا بالعراق يدلُّ على أن لديها مصالح هامة تخشى عليها، ولن تتركها تذهب في مهب الريح مع الموجة الجديدة التي تعصف بالعراق حاليًّا نتيجة لسياسة مرتجلة زرعتها بعد الإطاحة بنظام صدام حسين.
والعراق مبتلى بعوامل طائفية منذ القدم، والتغيير مر على كل شيء؛ إلاّ الطائفية بقيت تنمو وتُباعد بين أبناء الشعب الواحد. تُعمِّق الجراح، وتُعيق أي توافق بين فئات المجتمع، لأن أصحاب القلوب المريضة تُغذِّيها وتعيش من ورائها.
والخلل الذي يفتك بالعراق وسوريا ولبنان حاليًّا يكمن في العقول؛ التي لا تدرك أن العالم في حركة تغيير مستمرة.. وأن الشعوب تعيش في الألفية الثالثة ميلادي.. وأن أساليبها الفكرية والإدارية تنتمي لعصور خلت.. وفوق ذاك أنها مُصرّة على غيّها، وترفض الرحيل وترك المسرح لمن هو أقدر منها على إدارة تلك الأمصار الغنية بمواردها الطبيعية، وتراثها الحضاري العريق.
حقًّا إنهم أغبياء، وإلاّ تركوا الحكم لمن هو أقدر وأعقل وأكثر قبولاً لدى أغلبية الشعب، ليُوقف سلسلة الدمار التي تتعرّض لها بلاد الشام والعراق.
مفاهيم الاحتلال العسكري لوطن بكامله لم تعد واردة في العصر الحديث، لأنها مكلفة وغير مقبولة، ولا تخدم المصالح المنشودة، ولذلك نرى أمريكا مُتردّدة في سوريا وأوكرانيا والعراق أيضًا. هذه هي الواقعية السياسية REAL POLITCS، وهذا منطق السياسة المعاصرة.
البديل المخيف الذي يُهدِّد العديد من الدول العربية هو التقسيم، وهذا ما يُراد ببلاد الشام والعراق، وبلدان عربية أخرى في الوقت الراهن. والظاهر أن موقف دافعي الضرائب في أمريكا وغيرها يقول لشعوب الدول المضطربة: (إذا لم تستطيعوا العيش معًا فاذهبوا إلى الجحيم، ولن نتدخل إلاّ بقدر ما تُمليه ضرورات مصالحنا).. وهيمنة العولمة ستضمن حماية تلك المصالح بأقل قدر من الخسائر البشرية.
مشروعات التقسيم لن تخدم أحدًا على الإطلاق، بل إنها ستُضاعف من صعوبة التحدّيات، وتُعمِّق فجوات الخلافات الطائفية، ولن تحل أي مشكلات بين الأطراف المتصارعة.
صوت العقل والحكمة -مع الأسف- مفقود في العالم العربي -إلاّ ما ندر- والمحنة تزداد ضراوة، والعناصر المتسببة فيما يحصل لا تخجل من ممارساتها العبثية اللاإنسانية.. فالمالكي، والأسد، ونصر الله، وعمتهم إيران يُشعلون نار الفتن ولا يخشون إلاًّ ولا ذمَّةً.
والسؤال: ماذا بإمكان أمريكا أن تفعل في ظل الظروف الراهنة؟ إذا تفككت مؤسسات الدولة في العراق، وسقطت المدن واحدة تلو الأخرى في أيدي المناوئين لنظام المالكي، الذي لم يعد قادرًا على ضمان الحد الأدنى من فعالية الدولة المركزية في بغداد؟ وكما ورد في تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه سيُرسل ثلاثمئة من القوات الخاصة للمتابعة، ومراقبة ما يحصل عن كثب، وتقديم المشورة، ولكن أمريكا لا تنوي التورّط بإرسال قوات للعراق، ولكنها أيضًا قلقة من ترك العراق يغرق في حمّامات حرب أهلية لا أحد يعلم إلى أين تنتهي.
نسأل الله العلي القدير في هذا الشهر الفضيل أن يفك ضيم الأمة، ويخذل من خذلها، ويديم علينا في أرض الحرمين الأمن والاستقرار في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، إنه على ما يشاء قدير.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store