Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عندما يكون العباد ضحايا العناد

ما هذا الذي يحدث ؟

A A
ما هذا الذي يحدث ؟ في عصرٍ مكلوم , وكل ما فيه غير مفهوم , دماءٌ تسيل ما بين جريحٍ وقتيل , قلوبٌ تنفطر ودموعٌ تنهمر وقتالٌ مستعر وعداءٌ مستمر , ولا تبدو بادرةٌ تبشر بقرب تضميد الجراح وتهدئة الأرواح وصمت السلاح , فالحماسيون تنقصهم المرونة ولا يقدرون عواقب القرار غير المحمود , لأنهم يسلكون طريقاً بُني على مصالح لن تتم مطلقاً لأنها مستمدة من مسيرة سياستهم التي لا تقدم حلولاً مقبولة ولا ترضى ببذل تنازلات تخدم القضية , بينما يقف توجه اسرائيل العدواني من سياسة حماس على طرفي نقيض , أمام كل مبادرةٍ مخلصة ترمي إلى التريث والتروي في اتخاذ القرار , ولا أدل على ذلك من رفض حماس إجمالاً وتفصيلاً للمبادرة ليجد الطرف الثاني (إسرائيل) ضالته في هذا الرفض وليجد سانحةً تحسن موقفه وتجمل صورته , هكذا اعتبرتها القيادة الإسرائيلية فرصةً نادرة لابد من استغلالها فبقبولها للمبادرة تؤكد للعالم أجمع أنها الطرف المنادي للتعايش والسلام , وأنها الجهة المرنة التي تقبل كل توجهٍ قاصدٍ للأمن والاستقرار , وبهذا تعطي انطباعاً بأن غزة تمثل الإرهاب بكل صوره , وتغلق كافة السبل التي يُعول عليها وقف العدوان الدائر , وعليه كما يقول وزير الدفاع الإسرائيلي : أنهم سيواصلون عملياتهم بقوةٍ وإصرار ولن تفرط إسرائيل أو تساوم على حياة مواطنيها , وتلك رسالةٌ تقدمها لقادة حماس أن يواجهوا نتائج سياستهم , فلماذا تعبّد حماس لإسرائيل طريق اتهامها بالإرهاب وزعزعة الأمن العالمي وثقة العالم في عدالة قضيتها , وحماس تعتبر المبادرة المصرية ركوعاً وخنوعاً مرفوضين , لن يستطيع أحدٌ أن يجهض عزيمتها كائناً من كان , رغم علمها أن تلك المبادرة حظيت بالدعم الأمريكي فضلاً عن دعم الرئيس الفلسطيني والجامعة العربية التي عقدت اجتماعاً طارئاً لوزراء الخارجية العرب في القاهرة .
إن المسألة فيما يبدو أصبحت مسألة ثقةٍ وعدم ثقة , في كل من يقدم مبادرةٍ , فمن تثق به حماس ترفضه إسرائيل والعكس هو الصحيح , ولكننا كعربٍ نثمن المبادرة المصرية التي تهدف لإنقاذ الشعب الفلسطيني , ونرى أن عناد حماس برفض المبادرة المصرية سيجعل إسرائيل تتمادى في عدوانها السافر , الذي سيدفع للأسف ثمنه الشعب الفلسطيني الأعزل , إننا نتمنى أن تكون كفة حماس هي الأرجح والأقوى , ولكن الواقع يؤكد عدم التكافؤ بين الطرفين , إذ لا يوجد وجه مقارنة بين تلك الصواريخ البدائية التي تطلقها حماس فتصيب إسرائيلياً واحداً , بينما تفجعنا طلعةٌ جويةٌ واحدة بالدمار وموت العشرات من المدنيين العزل كباراً وصغاراً ,وكعادة إسرائيل لا تعرف سوى الإبادة , أليس هذا كافياً لتقبل حماس بالمبادرة المصرية الهادفة لتحقيق استقرار طويل الأمد تُحقن من خلاله دماءُ الأبرياء , بدلاً من إبادة هذا الشعب المغلوب على أمره .
على أي حال يجب أن نتجاوز ما كان إلى ما سيكون , وأن نتخطى الخطأ الجسيم لرفض حماس للمبادرة , وما ينجم عن ذلك الرفض من إطلاق صواريخ قليلة الفاعلية في مواجهة أسلحة إبادة إسرائيلية بيد جيشٍ مستعد , ومن الطرف الآخر نرى قيادة حماس لا تعبأ بحكمة الحكماء ولا تثق بأي مبادرةٍ مخلصة , فإلى متى يستمر الحال ونفقد النساء والرجال والشباب والأطفال ؟ لا أحد يمكنه أن يتكهن بالحل السعيد وقرب إطلالته , فيجب أن تعي حماس أنه لا بد من مراجعة قرارها الرافض , ولا بد من إنجاح المبادرة المصرية المتفق على جدواها عربياً ودولياً , أما إذا بقي الوضع على ما هو عليه فليس مستبعداً تصعيد العدوان وحرب الإبادة واستمرار مسلسل التهجير , أعان الله العباد إذا كانوا ضحايا العناد .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store