Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

السياسة الأمريكية.. من أوكرانيا إلى غزة!

حدثان متقاربان كلاهما في غاية الأهمية لما يترتب عليهما من خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات وإثارة إعلامية تشد أنظار العالم إلى ما يجري على أرض الواقع.

A A
حدثان متقاربان كلاهما في غاية الأهمية لما يترتب عليهما من خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات وإثارة إعلامية تشد أنظار العالم إلى ما يجري على أرض الواقع.
* في أوكرانيا أسقطت طائرة ماليزية مدنية (رحلة MH17 من أمستردام إلى كوالالمبور) بصاروخ جو أرض -حسب المعلومات الأولية- من قبل المنشقين المدعومين من روسيا وعلى متنها 298 راكباً من بينهم ثمانون طفلا كما تفيد الأنباء.
الرئيس أوباما وإدارته وأجهزة الإعلام الأمريكية ركزت كل اهتمامها لمتابعة مجريات الحادث الأليم مستدعية كل خبرائها وخبراتها من أجل التوصل لمعرفة الأسباب والجهة التي تسببت في ذلك الحادث.
أصابع الاتهام موجهة لروسيا الداعمة للمنشقين عن أوكرانيا بحجة أنهم من أصول روسية وموسكو ترى أن حمايتهم ودعم مطالبهم واجب عليها الاضطلاع به. والعالم بأسره يدين المتسببين في ذلك الحادث ويطالب بتحقيق شفاف ونزيه لأن ما حصل عمل إجرامي ذهب ضحيته 298 شخصاً أبرياء ويشكل تهديداً خطيراً لصناعة النقل الجوي في العالم.
•في غزة يقوم الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية أكثر خطورة وفداحة - مع سابق الإصرار - من حادث الطائرة الماليزية وحتى اللحظة ذهب ضحية العدوان على غزة من قبل الجيش الصهيوني ما يزيد على ضعفي عدد ضحايا حادث الطائرة المنكوبة من الأطفال والمدنيين العزل ،وذلك بمباركة الإدارة الأمريكية التي لا تبدو مكترثة بأطفال غزة على الإطلاق خلافاً لما يبديه الرئيس أوباما ويبذله من الجهد والاهتمام لما يحصل في أوكرانيا قبل وبعد حادث الطائرة المنكوبة.
يصاحب الخسائر في الأرواح تدمير متعمد للمساكن والبنية التحتية لدرجة إن المستشفيات والملاجئ لم تعد تستوعب الفارين من نيران الجيش الصهيوني أمريكية الصنع والتمويل.
والمقارنة بين الحالتين تفرض تساؤلات كبيرة حول مجريات الأحداث في السياسة الدولية وما يجري بين الأقطاب الكبار روسيا وأمريكا.
* روسيا تدعم نظام الأسد في سوريا وتعمل على تفكيك أوكرانيا الجارة لكي تعيدها لبيت الطاعة الروسي.
* أمريكا دمرت العراق وأفغانستان وتعم سلوكها وممارساتها الدول العربية ورسم خارطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط وفي نفس الوقت ترمي بكل ثقلها لدعم وحماية إسرائيل في اضطهاد الشعب الفلسطيني والحصار والاعتداءات المتكررة على غزة في الوقت الذي تحتج على الممارسات الروسية وتفرض عليها عقوبات اقتصادية مشددة وتهدد بالمزيد.
مصداقية أي دولة في العالم تعتمد على سلوكها وممارساتها وعلى اتساق مواقفها وسجلها في التعامل مع الأحداث الإنسانية. والمعروف أن الأطفال هم الأطفال سواء قتلوا بسبب حادث لم يعرف مرتكبوه بعد أو اطفال غزة الذين يقتلون بسلاح وتمويل أمريكي ومشاركة جنود يحملون الجنسية الأمريكية يقاتلون في صفوف الجيش الصهيوني. كل ذلك بدعم وتأييد أمريكي مع سابق الإصرار وغض الطرف عن الطرق التي يقتلون بها الاطفال والمدنيين في غزة!
وإذا كان رئيس الأمن القومي الأمريكي السابق - هنري كيسنجر- قد لطخ أياديه وسجله بالدماء خلال ولايته في الإدارة الأمريكية سابقاً وتعرض للمساءلة ولن ينسى التاريخ الجرائم التي تسبب فيها.. فان الرئيس الحالي باراك اوباما المحامي المفوه والخبير في القانون الدولي لن يفلت هو الآخر من عقاب التاريخ أجلا أو آجلا بسبب الازدواجية التي يمارسها في التعامل مع القضايا الدولية.
الرئيس أوباما يدين الرئيس بوتين على تشجيع المنشقين في أوكرانيا وفي نفس الوقت يثني على نتن ياهو الذي يقتل المدنيين والأطفال في غزة ويقصف المستشفيات ويدمر البنية التحتية. ان المفردات التي يستخدمها اوباما في حديثه عن الحالتين دليل قاطع يدين التحيز ضد الفلسطينيين وازدواجية المعايير ويعد بمكان بارز في قائمة التاريخ السوداء مع أسلافه في البيت الأبيض.
لا غرابة مما يفعله المجرمون الصهاينة وأعوانهم ولكن اللوم على العرب المتخاذلين في دعم صمود غزة أمام الطغاة وسياسة ازدواج المعايير الأمريكية والروسية كما هو المشهد من أوكرانيا إلى غزة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store