عوَّدتنا قيادتنا الرشيدة على مر التاريخ ، على ارتياد كل طريقٍ يقود لخدمة الإنسانية وطرق كل بابٍ يُرجى من طرقه بارقة أمل ، لتحويل الواقع الأليم إلى حياةٍ هنية تسعد البشرية وتقف بصلابة في وجه التحركات العدوانية ، وبهذا الفهم الراقي والتوجه الحضاري ، جاءت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين أيده الله لفرنسا استثنائية ، يُنتظر أن تحمل نتائجها البُشرى ، بتعزيز أواصر الصداقة الوثيقة بين البلدين ، سعياً لترسيخ المواقف ومواجهة التهديدات المستمرة لفصائل الإرهاب المنتشرة في العالم ، فالواقع يقنعنا وتثبت لنا الأيام كل صباحٍ جديد وللأسف الشديد أن عقد الأمن العالمي قد انفرط تماماً وتناثرت حباته التي تنتظر من يجمعها مجدداً ، بعد أن عبثت بها أيادي المخربين وبعد أن مد أخطبوط الإرهاب أذرعه البشعة في كثير من بقاع العالم ، فأحال أمنها خوفاً ودفئها برداً ونشاطها وحيويتها مرضاً وجوعاً وغناها فقراً وبنيتها دماراً ، هكذا ظل خطره يستشري وشره يتفشى بصورةٍ جنونية ، كأي داءٍ خطير ووباءٍ مخيف ، فكل من أنس في نفسه قوةً وارتشف جرعاتٍ من الفكر الضال وجه قوته نحو الضعاف ، فما دخل هؤلاء داراً إلا وجعلوا أعزة أهلها أذلة ، فآثر الكثيرون الهروب أملاً في الحياة وسعياً للنجاة ، ومن بقي منهم أصبح تحت رحمة الجماعات الضالة التي تقتل بلا مبرر وتعذب بلا سبب وتخرج الآمنين من ديارهم من خلال أحلام اليقظة التي تنتاب عقولهم المريضة ، فأسسوا من نسيج تلك الأفكار الضالة والخيال المنحرف دولاً نسبوها للإسلام البريء من أوهامهم وبما أن التعاون السعودي الفرنسي في أفضل حالاته فذلك يعد من الجوانب الإيجابية للزيارة التي تبحث الموقف بدقة واهتمام وتنقب عن حلولٍ ناجعة لتلك الملفات الشائكة ، التي تهم كل عاشقٍ للسلام فمكافحة الإرهاب تلزمها آلياتٌ عديدة ومحاور أساسية منها : التركيز على خلق تعاونٍ دولي لتفعيل دور الأمم المتحدة وتكثيف جهودها ، وضرورة أن ينظر العالم إلى مخاطر الإرهاب نظرةً عالميةً شاملة ، بقناعة الجميع أن السلم الإقليمي جزءٌ لا يتجزأ من السلم العالمي ، فلا بد أن يتحمل المجتمع الدولي مسئوليته كاملة ولا بد أن تتضافر جهود الجميع لاستئصال الإرهاب من جذوره .
إن التنسيق السعودي الفرنسي يعززه تقارب وجهات النظر في كافة الملفات المطروحة ، وتدعمه زيارة الأمير سلمان حفظه الله ، باعتباره شخصية لها دور محوري ،
كما أنه صديقٌ لفرنسا التي تثمن مواقفه الرائعة وتقدر مكانته العالمية المرموقة ، ويتجلى كل ذلك في كلمة سموه التي ألقاها في قصر الشانزليزيه بباريس والتي شكلت رسالةً قوية تبرز المبادئ والقيم التي ظلت المملكة تضمنها سياستها المتزنة العريقة من منطلق مكانتها المؤثرة عالمياً ، من حيث الالتزام الديني والوضع السياسي والأهمية الاقتصادية الكبرى ، فبلدٌ بهذا الحجم من الأهمية والمكانة العالمية حتماً لا ينبغي أن يكون بمعزلٍ عن مآسي المنطقة التي تربطه بها أواصر الدم والتاريخ والصداقة ، وهذا ما درجت عليه المملكة العربية السعودية ، التي ظلت تمد يد العون لكل شقيقٍ وصديق ، ومن هذا المنطلق كان طابع الزيارة التنسيق مع فرنسا لتضميد جراحات الأبرياء ، أما سنام كلمة سموه فقد كان يدور حول ، رفض المملكة القاطع لكل أوجه الإرهاب مما جعلها تتسيد مشوار المناهضة ، بدعمها السخي لمركز مكافحة الإرهاب .
الواقع يؤكد تطابق رأي الطرفين على أن قرار جنيف لو تم تطبيقه كما ينبغي لكان الحال غير الحال في سوريا ، ولو اجتمع رأي فرقاء لبنان على رئيسٍ واحد لاستعاد اللبنانيون أمنهم واستقرارهم . إن سعادة المملكة قيادةً وشعباً بتجديد دماء السلطة العراقية سعادةٌ كبيرة فالعالم يُعول على القيادة العراقية الكثير لتوحيد الصف والتسامح وبناء العراق الجديد . وتطرقت الملفات المطروحة لحرب الإبادة التي يشهدها الفلسطينيون في غزة ، كما تضمنت القلق البالغ لتدهور الوضع الأمني في اليمن الشقيق ، فكل ذلك يدور في إطار توجيهات خادم الحرمين الشريفين أيده الله ، تجسيداً لما تتمسك به السعودية من قيمٍ ومبادئ إسلامية أصلها التسامح والإخاء والعدالة ونبذ التطرف والعنف ومحاربة الإرهاب .. حفظ الله ولي العهد الأمين في حله وترحاله وكلل مساعيه السامية النبيلة بالتوفيق والنجاح ، وسلم البلاد من الإرهاب والأهوال ومن كل شرٍ وفكرٍ ضال .
ملفات الداء وزيارة الدواء
تاريخ النشر: 07 سبتمبر 2014 04:08 KSA
عوَّدتنا قيادتنا الرشيدة على مر التاريخ ، على ارتياد كل طريقٍ يقود لخدمة الإنسانية وطرق كل بابٍ يُرجى من طرقه بارقة أمل ، لتحويل الواقع الأليم إلى حياةٍ هنية تسعد البشرية وتقف بصلابة في وجه التحركات ا
A A