أنا كغيري من السعوديين، أذوب عشقًا بهذا الوطن، وأزهو فخرًا بانتمائي إلى ترابه الطاهر، رغم أني بحكم عملي أعيشُ بعيدًا عنه، في بلدٍ يُعدُّ ضمن منظومة البلاد التي تُعرف بالدول المتقدمة، علمًا بأنني قد تجولت في بعض دول ذلك العالم المتطوّر، فالشيء الذي أحسسته خلال مشاهداتي أنني كلما رأيت شيئًا جميلاً لفت نظري أو استرعى انتباهي سلوكٌ رائعٌ، أو فكرةٌ مدهشةٌ يطبّقها الغربيون، تمنيتُ أن أرى مثلها في بلادي الغالية، لأهمس بها في أذن من يهمهم الأمر، عسى أن تروق لهم الفكرة فيتم تنفيذها، من منطلق أن أخذ ما يناسبنا من تجارب الآخرين الرائعة ليس عيبًا، ما دامت في إطارٍ يلائم خصوصيتنا وقيمنا، ولا تتجاوز الخطوط الحمراء طالما كانت تفيد المجتمع ولا تخدش له حياء، فنحن أيضًا أهل تجاربٍ ثرّة يغبطنا عليها الآخرون، وينهلون من معينها ويثمنونها إعجابًا وتقديرًا، وبهذا الفهم فأنا اليوم بصدد نقل تجربةٍ استهوتني كثيرًا، وأعتقد أننا سندرك قيمتها إذا طبّقناها وعمل خبراؤنا على تقنينها، ووضع النظام الذي يضمنُ نجاحها، حتى تأتي أُكلها، وتعم فائدتها المرجوّة، إنها التجربة الأوروبية الخاصة باستخدام الطرق السريعة، فإن أعداد المستخدمين لطرقنا السريعة لا شك أنها ستتضاعف في هذه الأيام نظرًا لانتقال المواطنين والمقيمين من مدينةٍ إلى أخرى بمناسبة عطلة عيد الأضحى المبارك، فضلاً عن موسم الحج والعمرة التي تنفرد به بلادنا، فتلك الدول الأوروبية تطبّق نظام الرسوم لكل سيارةٍ تستخدم الطريق السريع، وكل ما نتمناه تطبيق التجربة بخصخصة تشغيلها وتسليمها لشركات وطنية مقتدرة ومؤهلة، تستطيع أن تديرها بمهنيةٍ وجدارةٍ لفتراتٍ تحددها الجهات المعنية، ولا تنقصنا بفضل الله مثل هذه الشركات، وستكون النتائج عندئذٍ مذهلةً، فمن ناحية الصيانة سنرى بمشيئة الله سباقًا محمومًا بين الشركات العاملة، وتنافسًا شديدًا يثمر عن طرقٍ مُصانةٍ وجميلةٍ، حيث تُقام منشآت سياحية رائعة على امتداد تلك الطرق، تمثلُ استراحات جاهزة بكل وسائل الراحة التي تخدم المسافرين، بالإضافة إلى محطات وقود حديثة، ومطاعم راقية، ونقاط إسعاف وإضاءة، وبتكامل تلك الخدمات سيبدو الطريق كلوحةً رُسمت بإتقان، ويصبح السفر متعةً تُضاف إلى فوائد السفر المعروفة، كما أن تلك الرسوم التي يدفعها مستخدم الطريق ستجعله أكثر إحساسًا بأنه مواطنٌ فاعلٌ، وأن هذا الطريق الآمن الجميل يستحق دعمه، ولو بهذا الإسهام الرمزي، وهو يعلم تمامًا أن الحكومة التي أنفقت الملايين لتشييد هذه الطرقات قادرةٌ على صيانتها وتجميلها، ولكن إسهام مستخدم الطريق يعني مشاركته خزينة الدولة بدلاً من أن تتحمّل تلك الأعباء وحدها، ولا شك أن ذلك الإسهام يصب في شرايين الاقتصاد الوطني، ويحق لكل داعمٍ للاقتصاد أن يزداد فخرًا وتعلقًا بوطنه.
رأيتُ أن أعكس صورةً لما شاهدته، فطرقاتنا السريعة الممتدة طولاً وعرضًا في مملكتنا المترامية الأطراف، بحاجةٍ إلى مضاعفة الجهود المُقدَّرة التي تبذلها الجهات المختصة، فإذا كانت هذه الطرق حسنة الآن، فإننا نتوق للأحسن، ونرجو أن نرى طرقًا ترتقي لمستوى الطفرة الكبرى التي تعيشها بلادنا، بقيادة حادي ركبنا، وراعي نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك المُفدَّى عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله، وحفظه، ورعاه- فعهده الزاهر جديرٌ بكلِّ مميزٍ وباهرٍ.
إن طرقنا السريعة التي تستخدمها آلاف السيارات، وتمثل الرسوم التي ستُدفع ملايين الريالات مؤسسةً لرافدٍ جديدٍ من روافد تعدد مصادر الدخل، التي ستخدم المواطنين، ولن تكون قاصرةً على تحديث الطرق وصيانتها، لأنها ستدر ما يفيض عن حاجة خدمة الطُرق، فهل يتحقق ذلك؟! إنها أمنية عاشقٍ يُحبُّ أن يرى وطنه رائعًا دائمًا، وقد تبوّأ مكانه اللائق بين أو فوق تلك الدول، وهذا ليس مستبعدًا على وطننا الفخور بقيادته، والغني بموارده، القوي بشعبه، المُحصَّن بدينه وقيمه.
نسألُ الله جلَّ وعلا أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، والسلامة في طرقاتنا، وسائر حياتنا، وأن يجعل أمانينا حقيقة، وتطلعاتنا واقعًا ملموسًا.
أمنيات لضبط الطرقات ومتعة السفريات
تاريخ النشر: 07 أكتوبر 2014 02:23 KSA
أنا كغيري من السعوديين، أذوب عشقًا بهذا الوطن، وأزهو فخرًا بانتمائي إلى ترابه الطاهر، رغم أني بحكم عملي أعيشُ بعيدًا عنه، في بلدٍ يُعدُّ ضمن منظومة البلاد التي تُعرف بالدول المتقدمة، علمًا بأنني قد تج
A A