Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المعلمات بين الحاجة وموت الحوادث

لا اتصور حال اطفال المعلمة وهم يبلغون بموت امهم، وانها صارت تحت الارض ولن تراها عيونهم المغرقة بدموع الفراق وفجيعة الخبر، هكذا صار المعلمات امام خيارين كلاهما مر: الموت بالجوع او بحوادث الطرق، ودماؤهن

A A
لا اتصور حال اطفال المعلمة وهم يبلغون بموت امهم، وانها صارت تحت الارض ولن تراها عيونهم المغرقة بدموع الفراق وفجيعة الخبر، هكذا صار المعلمات امام خيارين كلاهما مر: الموت بالجوع او بحوادث الطرق، ودماؤهن تسيل، ولا تسيل دموع من يستطيع حل المعضلة، تقول احداهن من سرير المستشفى "قبل خروجي في الرابعة فجراً احضن اطفالي وهم نيام ويعتصر قلبي الألم وانا اضم على صدري طفلتي الرضيعة خشية الا اعود اليها، لدي الرغبة في ترك العمل لاتخلص من معاناة العمل في المناطق النائية، لكن الحاجة تجبرني ان انحني للظروف واكابد مشقة الترحال وعذاب الطريق" (المدينة 12/2/1436هـ).
مشكلة المعلمات مشكلة تعيينات ومشكلة مرورية، فلا الذين يعينون نظروا في حلول لها، ولا المرور نظر في حلول مرورية: فالسائقون متهورون، والسيارات أكثرها رديء، والإطارات لا تفحص وقد تكون مشتراة من المستخدم، وتحويلات الطرق كثيرة، وقد تكون ترابية، وساهر لا يراقب الطرق ويكتفي بالترصد داخل المدن، فالمسافات طويلة، ووسائل النقل غير آمنة، والطرق فيها تحويلات أو لا يوجد سياج عليها أو تكون ضيقة، وسائقو الشاحنات يضايقون السيارات ان لم يحثوا عليها التراب، والسائق في غرفة معزولة قد يداهمه النوم، كل تلك الاسباب تتسبب في نزف دماء المعلمات التي لا تكاد تتوقف، وقد حصل عدة حوادث في الاسبوع الماضي حصدت ارواحاً او عوقت أو جرحت ولن تكون الاخيرة، لانه لم توجد معالجة لا في التعيين في الوظيفة، ولا في النقل، ولو لم يكن هؤلاء المعلمات (اللاتي ينتظرن الموت في كل مشوار) محتاجات للقمة عيش كريمة لما صارعن الموت يومياً، فهن امام خيار الجوع او الموت، والمسلسل يتكرر بلا علاج، وينسى الموضوع بعد تقديم العزاء.
صباح الاربعاء الماضي توفيت معلمة واصيب 7 مع السائق، قرب قرية المليليح على طريق المدينة المنورة تبوك، هذا الطريق بدأ العمل فيه منذ سبع سنوات ولم ينته، وهو طريق حيوي رئيس، وتحويلاته كثيرة وتسببت في حوادث كثيرة، ولا يعرف "ساهر" بالرغم من السرعة الزائدة فيه، وكثافة الشاحنات، وعدم وجود لوحات إرشادية، وإن كان التأخر هو السبب الرئيس في الحوادث كما شهد بذلك الأهالي في تحقيق المدينة المشار إليه سابقاً.
وفي ظهران الجنوب تعرضت مركبة نقل معلمات لحادث مروري تسبب في كسور وجروح لثلاث معلمات وسائقهن، وفي الطريق بين الينبعين توفيت معلمة (أم لثلاثة أطفال) في حادث مروري وتم استئصال طحال لاخرى وكسور لثلاث معلمات، وفي صباح الخميس توفيت معلمتان والسائق واصيبت ثلاث على طريق المدينة/القصيم، هذا كله في اسبوع واحد.
في مواقع التواصل الاجتماعي صور لسائقي نقل معلمات يسيرون بسرعة تزيد عن 160كلم، إن هذا السائق قاتل وليس سائقاً، ولذا لا عجب إن رويت الأرض بالدماء.
لو بذل نصف ما بذل في مواجهة كورونا لمواجهة هذا القتل العبثي لتم الوصول إلى حل، فالحل ليس مستحيلاً: لا في التعيين، ولا في النقل، ولا في الطرق، ولا في المراقبة المرورية، وهذه الأرواح التي دفعتها الحاجة إلى طرق الموت في ذمة كل مسؤول في تلك الجهات.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store