قرأنا عن سمات القائد .. وتمثلّت فيه ، سمعنا عن الإنسانية بكل معنوياتها .. وكانت - جميعها - جزءاً من تعاطيه ، تواترت إلينا روايات التواضع .. وعشناها واقعاً في سلوكياته ، تناقلت الروايات التاريخية حنكة القيادة للكثير من قادة العالم وكانت ماثلة للعَيان في إدارته للدولة .. هذا غيض من فيض مما كانت تكتنزه شخصية القائد الراحل عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله وأسكنه فسيح جناته – الملك الذي أسر القلوب ، وجعل الألسن تلهج له بالدعاء في أحلك الظروف ، كان قريباً من الجميع قرب الأب لأبنائه ، لم نشعر يوماً ما بهيبة المُلك المُصطنعة في شخصيته ، بل كانت الكاريزما الطبيعية هي القاسم المُشترك في جميع تعاملاته ؛ لذلك كان ملكاً مُختلفاً وقائداً فذَّاً .
مُتغيِّر الزمن يُحدد ملامح الكثير من الحِقب السياسية لأية دولة سواءً أكانت سلباً أم إيجاباً ؛ لأن هذا المُتغيِّر يعكس مستوى الإنجاز المُتحقِق على أرض الواقع ، ويتبعه – حتماً – تباشير الرضا ، أو تعابيس القنوط على وجوه المستهدفين من هذا الفعل ، فماذا عساني أن أقول عن المُنجزات التي تحققت في عهده ؛ حيث تميِّزت بكونها عملاقة في الكم نوعية في الكيف ، إضافة إلى أنها تقاطعت مع كل ما يلامس حياة المواطن الذي كان محور اهتمام الملك الراحل ، وبإطلالة بسيطة وكنماذج لا أكثر عن هذه المنجزات نجد أنها في عُرف المُخططين تحتاج إلى عقود من الزمن ، ولكن الملك الراحل عكس كل التوقعات وحققها في أقل من عقد من زمن حكمه ، ولعلي أحددها في جانبين يتمثل الأول في المستوى المحلي وأبرز ملامحه إنشاء هيئة البيعة التي ضمنت تسلسل الحكم بمنهجية توافقية ، كما حصد الحقل التعليمي مشروعين عملاقين رُصد لهما عشرات المليارات هما «تطوير» في التعليم العام ، و«آفاق» في التعليم العالي ، وتمددت في عهده الجامعات فمن ثماني جامعات إلى ثمانٍ وعشرين جامعة حكومية غطت الكثير من المحافظات ، وحافظ من خلال تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي على توطين الناس في هجرهم ومحافظاتهم لدعم برامجها التنموية ، إضافة إلى إحياء برنامج الابتعاث الخارجي الذي أعاد تفاعلنا مع شعوب العالم للحياة ، كما جعل من القضاء واجهة للعدالة من خلال مشروع «عدل» الذي استهدف تطوير آليات عمل القضاء ، وإعادة النظر في الكثير من الأنظمة بهدف التسهيل على المواطنين ، وفي عهده انتشرت المدن الاقتصادية التي تُعد نقلة نوعية في تحريك أوجه النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل كثيرة من خلال السماح للاستثمارات الأجنبية بالتدفق في أوردة الاقتصاد الوطني ، وفي عهده الزاهر لفت الأعناق للدور المُغيّب للمرأة السعودية، ومنحها حقها كمشاركة وفاعلة في الحراك الوطني على كافة الأصعدة فولجت قبة الشورى وفي طريقها للانخراط في العمل الخدمي من خلال عضويتها في المجالس البلدية، كما لامس هموم المواطنين عندما رصد مائتين وخمسين ملياراً لحل مُشكلة الإسكان إيماناً منه بأن الاستقرار النفسي لن يتحقق بدون توافر مأوى يحفظ كرامة كل أسرة ، أما على المستوى الإقليمي والدولي فقد تبوأت المملكة في عهده مكانة مرموقة جعل لرأيها قيمة ولرؤيتها صدى ، وأبرز ما في هذا السياق مبادرته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي تبناها مؤتمر القمة العربية المنعقد في بيروت ، وأُطلق عليها " المبادرة العربية " كما يمُثل المركز الدولي للحوار بين أتباع الأديان واجهة حضارية للمملكة أمام شعوب العالم ، وأتى انضمام المملكة لدول العشرين للمشاركة في رسم ملامح مستقبل العالم الاقتصادي حدثاً تاريخياً يؤكد علو كعب وطننا في صياغة مستقبل العالم اقتصادياً ، وامتداداً لتدفق مبادراته النوعية دعوته للانتقال بدول الخليج من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد .
رحم الله " حبيب الشعب عبد الله " وأسكنه فسيح جناته ، وأعان الله – سبحانه وتعالى – الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز ، وسمو ولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف على حمل الأمانة الموكلة لهم .
ورحل القائد الاستثنائي
تاريخ النشر: 25 يناير 2015 01:45 KSA
قرأنا عن سمات القائد .. وتمثلّت فيه ، سمعنا عن الإنسانية بكل معنوياتها .. وكانت - جميعها - جزءاً من تعاطيه ، تواترت إلينا روايات التواضع ..
A A