أبو متعب باقٍ بأعماله ومنجزاته

في ليلة الجمعة الماضية رحل خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز الى دار الخلود، فعليه رحمة من الله في الأولين ويوم يقوم الناس لرب العالمين وطيب الله ثراه.
إن الموت حقيقة إذ كل نفس ذائقة الموت وأفضل ما يتمنى الانسان في هذه الدنيا أن يحقق الله له دعوة نبي الله ابراهيم عليه السلام (واجعل له لسان صدق في الآخرين) ولا شك أن العالم وقادته أجمعوا يذكروننا بأياديه البيضاء على الناس كل الناس وبالخير على الضعفاء في المملكة وفي أنحاء العالم الاسلامي ولا عجب أن ذكره العالم بالإصلاح وبالإنسانية العالية التي تمتع بها فرحم الله أبا متعب.
في المجال الاقتصادي نهج الملك عبد الله رحمه الله نهجاً فريداً أحدث قفزة تنموية وفوائض مكنت الاقتصاد الوطني من أن يمضي بثبات لغاياته وقد قاد سفينة الاقتصاد الوطني والتنمية بنجاح مدهش رغم الأمواج العاتية التي هبت من الأزمة العالمية التي تفجرت في 2008 وفي ظل اضطراب اقليمي عاصف وفي ظل منطقة طبعها عدم الاستقرار فيما سمي بالربيع العربي ورغم ذلك حقق اقتصاد المملكة النمو وأسهم في تثبيت اقتصاديات عربية من خلال تشجيع الاستثمار وتبادل المنافع مما حقق للمملكة الانضمام لمجموعة العشرين.
وقد نهج خادم الحرمين نهجاً اصلاحياً مكن فيه الضعفاء والنساء بتشريعات كفت عنهم أذى البطالة والفقر وألجمت النقد المتحامل على تجربة المملكة فصار تمثيل المرأة في مجلس الشورى حقيقة وصار حقها في العمل محمياً بالأنظمه ومحروساً بالعاطفة والنخوة التي يتمتع بها المواطن.
كما نهج خادم الحرمين نهجاً جعل تجربة المملكة في حوار الحضارات أنموذجاً وفي الوسطية وفي الحوار الوطني تجربة تحتذى من حيث الحد من الغلو والتشدد ومن الافراط وهي ظواهر تهز أركان المنطقة والعالم وتسىء لصورة الإسلام الوضاءة ولتسامح المسلمين.
إن تأكيد الملك سلمان حفظه الله على السير في نهجه يعني استمراراً لهذه المعاني وإكمالاً لتلك المنجزات ولا نملك إلا نمد أيادينا لمبايعته على السمع والطاعة في المنشط والمكره. وأرجو أن أشير إلى أن كاتب هذه السطور رافق بالسفر الملك سلمان ضمن وفده لفرنسا في أغسطس الماضي وكانت فرصة لنستمع فيها منه مباشرة لرؤيته ورؤاه وكان غاية في الإنسانية وفي الاستيعاب العميق للقضايا الوطنية ولتشابك العلاقات الدولية وسمعنا منه تجارب شخصية موحية وبأسلوبه الاداري المتفرد والملتصق بقضايا الناس وهو ما مكنه من قيادة إمارة منطقة الرياض الى ما رأينا من قفزة في تحديث المدينة حتى صارت أسرع مدن العالم نمواً. فاللهم وفقه لما تحب وترضى ووفق ولي عهده وولي ولي عهده لما فيه الخير والسداد.
الموت حقيقة ولكن الأعمال الصالحة تبقى عمراً جديداً وخادم الحرمين الملك عبد الله سيظل في الوجدان وفي صفحات التاريخ حاضراً بأعماله فهي تعيش بيننا في الإسكان وفي محاربة الفقر وفي التنويع التنموي وفي التوسعة الهائلة في الحرمين وتدعو له فاللهم طيب ثراه بقدرما أعطى وبقدرما أسعد الناس وبقدرما تمنى أن يفعل الخير للناس كل الناس.