المركزية الإدارية وإعاقة التنمية والتطوير

المركزية هي نقيض اللامركزية, وتعني في إطارها العام حصر المهام والمسئوليات وإصدار القرارات الإدارية والتعليمات في نقطة واحدة . ويتضح في هذه الصورة أن السلطة الإدارية ترتكز في يد المسئولين في (المركز) حيث يشرفون على جميع المرافق العامة الموجودة في جميع المناطق. وفي علم الإدارة هناك سلبيات ظاهرة لهذا النوع من العمل الإداري, ومن أبرز تلك السلبيات والتي قد تقود إلى عرقلة العمل وتأخيره ما تستدعيه المركزية من عدم الابتكار, وقتل روح المبادرة, وجمود النظام, كذلك إشغال المسئولين والقياديين بأمور ثانوية وشكلية على حساب الموضوعات الحيوية والتفرغ للتخطيط ووضع الإستراتيجيات, أيضاً الحيلولة دون اتخاذ قرارات مناسبة لطبيعة وظروف المحافظات مما يؤدي إلى عدم تحقيق الأهداف بالصورة المطلوبة, ناهيك عن تأخر إنجاز المعاملات بسبب الروتين الإداري الناتج عن كثرة الرؤساء الإداريين, وفي العادة تستعمل المركزية كوسيلة ضغط على الموظفين أو العاملين في قطاع ما الأمر الذي يؤدي إلى البطء في سير العمل, وبالتالي تراكم القضايا أمام الإدارة المركزية, وفوق ذلك ما تتسم به المركزية من انتهاج للأساليب غير الديمقراطية. وغير ذلك من الإشكاليات لهذا النوع من الإدارة والتي ناقشها علم الإدارة الحديث, وفنّد سلبياتها, وأبان أخطاءها وتجاوزاتها.
إن الإدارة المحلية والتنمية المحلية تهدف إلى توفير مختلف الخدمات ومشروعات التنمية المستدامة والبنى التحتية التي ينشدها الجميع, والتي تقود السكان نحو بذل الجهد لتحسين مستوى معيشتهم ونوعية الحياة التي يعيشونها معتمدين على مبادراتهم الذاتية , إضافة إلى تسريع عملية صنع القرار الإداري والتنموي مما يسهم أيضاً في إيجاد توزيع سلطة اتخاذ القرارالإداري , وكذلك توزيع مكاسب التنمية وتحسين المستوى التنموي والخدمي في جميع المناطق من خلال وصول الموارد والاستثمارات إلى جميع المناطق, وهذا بدوره إنما يقلل من حدة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية وحتى الإقليمية.
لكن السؤال هنا: ألم يحن الوقت للقضاء على المركزية وما يتبعها من بيروقراطية, والبدء بتطبيق نظام الإدارة المحلية مما يخفف العبء الإداري والتنموي عن الإدارة المركزية فيخلصها من العديد من المهمات والصلاحيات والمتابعات الهامشية -إن صح التعبير-, ويجعلها تتفرغ لمهام أخرى كبرى؟