تشكيل اللجان وتشتت القضية !!

إن فكرة تشكيل اللجان إنما انطلقت لإيجاد الحلول للمشكلة, أو للاستيضاح عن مشكلة غامضة للمسؤول من أجل كشف الحقيقة واتخاذ القرار المناسب لها, أو لعدم وجود صلاحية كاملة لدى المسؤولين. ونظراً لتجارب كثيرة مع اللجان أصبح المواطنون يؤمنون بمبدأ أن أقصر الطرق للقضاء على قضية هو تشكيل لجنة للتعامل معها ! وذلك بسبب وجود الكثير من التأخير في البت في القضايا يعود بالأثر السلبي, الأمر الذي يؤكد حالة من الإحباط التي وصل إليها البعض من اللجان وتشكيلاتها. والبعض يرى أن تشكيل اللجان يسهم دائماً ويساعد على تشتت القضية بين عدة جهات حكومية وكل جهة غالباً ما تتنصل من اتخاذ القرار وتحويله إلى جهة أخرى. وآخرون يرون أن تشكيل اللجان إنما انطلق بهدف إيجاد الحلول للمشكلة والتعرف عليها, أو لإيضاح المشكلة العامة للمسؤول كما أشرت سالفاً. ويرى فريق آخر أن تشكيل اللجان أضحت إحدى العادات فمجرد أن تبرز قضية ما, أو مشكلة ما, حتى يهرع المسؤول أو الجهة الحكومية مباشرة إلى تشكيل لجان الأمر الذي أضحت معه "اللجان" تسبب الفوبيا لدى المواطن ! الدكتور علي الشعيبي عميد كلية العلوم الإدارية (جريدة الرياض) أوضح بأنه أصبح موضوع تشكيل اللجان يأخذ في أوساط المجتمع مفهوماً سلبياً يتكرّس بسبب عدم الجدية في كثير من هذه اللجان تارة, وبعدم إعلان نتائجها التي في العادة تكون أقل من المأمول تارة أخرى. وأكد على أن الكثير بات يردد "إذا أردت القضاء على قضية ما؛ فشكّل لها لجنة"! مضيفاً ومصححاً أنه من المفترض أن يكون تشكيل اللجان له منطلقاته الإدارية و"اللوجستية", وليس لتحقيق الرغبات أو الخروج من المسؤولية لأن تشكيلها ليس بديلاً للصلاحيات الممنوحة للمسؤول حتى ترمى عليه التبعات, إنما تشكل إذا لم يوجد صلاحيات أو كانت محدودة, أو عند الحاجة إلى مزيد من المعلومات يحتاجها صاحب القرار, مشيراً كذلك إلى أنه عند التفكير في تشكيل لجنة فإن الأمر يتطلب معرفة الغرض من اللجنة أولاً, ثم إذا ما أصبح واضحاً فإن قرار تشكيل اللجنة يجب أن يشمل الهدف أو الأهداف والمهام, والاختيار المناسب لرئيس اللجنة والأعضاء إضافة إلى المدة المحددة للعمل, وإلى من ترفع التقارير.
أنا شخصياً أرى أن هناك عيوباً ظاهرة من تشكيل اللجان لأغراض محددة منها على سبيل المثال طول فترة عملها, وعدم إعلان نتائجها للمعنيين, وأن كثيراً من المسؤولين إنما يلجأ للهروب من تحمل المسؤولية في مواجهة المشكلة, بينما كثير من اللجان يمكن الاستغناء عنها لو أن المسؤول مارس صلاحياته ومهنيته بتفانٍ واقتدار.