إذا كانت السعودية على امتداد تأريخها الطّويل تتعامل مع الكثير من القضايا الإقليميّة المحيطة، بكل ما هو معهود من سياسة اليد النّاعمة، من خلال تقديم الكثير من الحلول المعروفة في عالم السياسة؛ فإن الحكومة السعودية - مع حضور تلك اليد الناعمة - في المقابل، لا تتردّد أبدًا في استخدام كلّ قوة رادعة، إذا رأت أن هنالك تجاوزات تكاد أن تلامس خطوطًا حمراء حينما يتّصل الأمر بأمنها وأمن جيرانها.
إنّ «عاصفة الحزم» تبرز، بشكلٍ عملي مدى عمق وعي السياسة السعودية في المواقف التي لا تحتمل الحلول النّاعمة، خاصّة بعد أن تستنفد؛ ولهذا فقد حاولت الحكومة السعودية على مدى الأشهر السابقة، مدّ الكثير من الخيوط لليمنيين الأشقاء، للجلوس على طاولة واحدة للحوار وتغليب لغة العقل؛ لكن أصحاب الفكر المنحرف ممثّلاً بجماعة الحوثيين، كثيرًا ما تستعصي عن تلك المبادرات ليكون خيار تلك الجماعة دائما هو الاستمساك بلغة الدم، وزعزعة الأمن والاستقرار في الشقيقة اليمن.
إنّ «عاصفة الحزم» بمثابة الدّرس العملي تقدّمه الحكومة السعودية في ظل التّمادي الحوثي وعجرفته، وما كان لهذه الدّرس أن يكون على أرض الواقع لولا تلك الغطرسة التي تتبعها جماعة الوحثيين المتطرفة، حتى تحوّل اليمن الشقيق على امتداد مساحته بؤرة مسكونة بالأوجاع، وساحة دم تختلط فيها الأصوات، وتئنّ فيها دموع الثّكالى، من وابل كثيف من متفجرات تحملها جماعة متطرفة، استعصت على المجتمع الدولي، وأبت الركون إلى لغة العقل والجلوس على طاولة الحوار، فكان هذه الدرس العملي من قبل «عاصفة الحزم» بمثابة ما سبق أن قالت العرب في حِكمها: «احذر غضب الحليم إذا غضب».
إنّ على العلماء والدعاة والخطباء في هذا السّياق دورًا يجب الاضطلاع به، ليس فقط في البرهنة على إدانة كلّ فكر منحرف والتّنديد به؛ كفكر جماعة الحوثيين، وتنظيم داعش الإرهابي؛ بل بكل ما يتّصل به من خلال كشف فساده، وبيان عوراته، تبعًا لما يشكله من خطر كبير على حاضر الأمّة ومستقبليها، بحيث لا يقف دور هؤلاء العلماء والدعاة عند حدود ردود الأفعال حسب ما يمليه الواقع؛ بل يجب البحث عن كلّ مسبّبات هذه الفكر وبؤره التي تستنهض به وتعود إليه، سواء على مستوى فهم النّصوص الدّينية، أو على مستوى آراء المنظرين له والمتعاطفين معه.
«عاصفة الحزم».. الدرس العملي
تاريخ النشر: 27 مارس 2015 02:36 KSA
إذا كانت السعودية على امتداد تأريخها الطّويل تتعامل مع الكثير من القضايا الإقليميّة المحيطة، بكل ما هو معهود من سياسة اليد النّاعمة، من خلال تقديم الكثير من الحلول المعروفة في عالم السياسة؛ فإن الح
A A