الخزن الإستراتيجي للمياه بجدة وموسوعة «جينيس»

سعدنا جميعًا بخبر استكمال مشروع الخزن الإستراتيجي للمياه في محافظة جدة التي تعاني كثيرًا من شح المياه، وهي خطوة جيدة على الطريق الصحيح، فوفرة الماء في هذا النطاق محدود الموارد أمر في بالغ الأهمية، حيث إن سكان محافظة جدة يفوقون الأربعة ملايين نسمة ويستهلكون يوميا نحو (مليون متر مكعب من المياه)، ولذلك نحن في حاجة لكل قطرة ماء في هذه المنطقة.
تسجيلنا في موسوعة جينيس لن يضيف لنا كثيرًا لأن هذا الخزن عُمِل ليواجه حالات الطوارئ التي تمر بها جدة في أوقات الذروة مثل: مواسم الصيف شديدة الحرارة، وفي شهر رمضان المبارك حيث يتضاعف الطلب على الماء، وفي أشهر الحج حيث يزداد عدد الحجاج والمعتمرين والزوار حيث يفد أكثر من ثلاثة ملايين نسمة إضافة لسكانها الأربعة ملايين.
الترشيد في استعمالات المياه هو مطلبنا الأساس، فلو عملنا مئة خزان سعة كل خزان مليون متر مكعب أمام هذا الاستهلاك الجائر فلن نحقق الهدف وهو الاقتصاد في الماء، لأننا جانبنا تعاليم ديننا الحنيف حيث يقول الله عزّ وجلّ: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين)، وهل هناك تبذير وإسراف أكثر من هدر الماء دون فائدة؟وخالفنا كذلك هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم بحسب ما جاءنا في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بسعد وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جار.
كل ما نريده من المستهلكين للمياه أن يقتصدوا في استخدامها، وأن يحافظوا على مواردها قدر الإمكان، وأن تقوم وزارات: المياه والكهرباء، والزراعة، والصناعة بأدوارها كاملة في رفع درجة الوعي لدى عموم المستهلكين، إعلاميًا وإعلانيًا، خاصة في الأماكن التي يرتادها الكثير من الناس مثل المساجد، والمدارس، والجامعات، والمستشفيات، وتثقيف المستهلك بأن الماء سلعة غالية، يجب الحفاظ عليها، كواجب ديني ووطني وأخلاقي حثّ عليه ديننا الحنيف.
إن الخزن الإستراتيجي وُضع لمواجهة طوارئ المياه في جدة لتزويد السكان بما يحتاجونه وقت الأزمات، ولم ينشأ هذا الخزن من أجل الاستهلاك التفاخري أو لزيادة الهدر أو العبث بالماء، وهي أيضًا رسالة موجّهة للعالم بأن حكومة هذه البلاد تسعى جاهدة لتوفير الماء مهما بلغت تكاليفه لرفاهية سكانها، وإيمانًا بأن التنمية التي تعيشها بلادنا أحد محركاتها الأساسية هو الماء، فيا ليتنا نعتني به في إطار ما أرشدنا إليه ديننا الحنيف، وبما يتوافق مع ما تبذله بلادنا من جهد ومال.