لا أحد يكره النور ويحب الظلام إلا غير الأسوياء. فبالنور يبصر الإنسان الحياة وكل ما فيها. وبالنور يُهتدى في الطرقات، وتُرى الأشياء وأسرارها وجمالها. لذا كان الوصف للقرآن نوراً لهداية الناس من الضلال إلى سواء السبيل، وللعلم نورا لأنه يمحو ظلام الجهل، وللفكر نورا لأنه يشع بضياء الحكمة.
والنور في علم الطبيعة (الفيزياء) مكون من سبعة أطياف (ألوان) أساسية جمعها الله لتشكل النور الذي نرى به الأشياء. بيد أن بعضاً منا يريد أن يستخرج من النور طيفاً (لوناً) واحداً ويصبغ به كل الناس. لكنه بفعله ذلك يصبغهم بلون واحد (أزرق أو أصفر أو أخضر أو أحمر) أياً كان ويحرم الناس من النور كله. وهذا ما يفعله بعض الدعاة والوعاظ الذين لا يؤمنون إلا برأي واحد في الدين، ويبطلون أو يتركون أو يقلّلون من شأن الآراء الأخرى. ومنهم من يرى أنه على الحق وأن الآخرين على الضلال. وهذا ما جرَّ بعض شبابنا إلى تكفير آبائهم وإخوانهم ومجتمعاتهم، وجرّهم إلى الالتحاق بالمنظمات الخارجية المحاربة، بل وحتى محاربة دولتهم ومنشآتها وأفرادها.
للأسف.. هذا التشدد لدى بعض الدعاة في اعتماد رأي واحد لكي ينتهجه الناس، في ظل حقيقة تاريخية مسلّم بـها بتعدد الآراء الفقهية وصحتها، هو تضييق في أمر واسع. وكأنهم في هذه الحال يقولون بأن اللون الأزرق أو اللون الأحمر هو النور. ولكن هذه مغالطة، لأن النور مزيج سبعة ألوان، فكيف يعتبر اللون الواحد نوراً وهو جزء من سبعة أجزاء النور؟
ولا شك أن السعي باعتماد فكرة الطيف الواحد، أو اللون الواحد، أو الرأي الواحد وتعميمه على الناس ليتَّبعوه؛ هو ما قاد إلى التقعر ثم التشدد ثم التطرف، كما تقدم، وذلك من حيث ندري أو لا ندري. وكذلك صبغ الناس بلون واحد وترك الأطياف الأخرى هو أمر مخالف لفطرة الله للناس التي فطرهم عليها ليظلوا مختلفين.
لذا.. فإن انفتاحنا على جميع الأطياف الدينية والإنسانية ضرورة قصوى نحتاج إليها في زمن القلاقل الذي نعيشه. وهو بداية الطريق لإصلاح ما أفسده التشدد والعصبية والطائفية والمذهبية والتطرف، طالما أن ليس في ذلك معصية لله، ولا ضرر للناس، ولا تهديد للدولة وسيادتها.
الآراء الفقهية وأطياف النور
تاريخ النشر: 31 مايو 2015 00:48 KSA
لا أحد يكره النور ويحب الظلام إلا غير الأسوياء. فبالنور يبصر الإنسان الحياة وكل ما فيها. وبالنور يُهتدى في الطرقات، وتُرى الأشياء وأسرارها وجمالها.
A A