أستميح المفكر الكبير الدكتور عبد الله الغذامي في استخدام عنوان أحد كتبه عنواناً لهذا المقال الذي أرى أنه يتواءم مع تداعيات قضية أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي في هذين اليومين ، وعكست أن القبيلة لها قصب السبق في الاستئثار بمكون العقل بعد أن خطفت العاطفة لُب القلب وألقت بهما في أتون التعنصر لكل ما يمس كينونتها ويتقاطع مع نقائها المزعوم ؛ فالمتتبع للتعاطي الذي جعل إحدى القبائل تستنفر رجالها لمنع زواج إحدى بناتها من أحد أبناء قبيلة أخرى يؤمن تماماً بأن ثمة خللاً متغلغلاً في العقول لم تستطع المدنية أن تُزيله بكل أطروحاتها المتحضرة ، ونداءاتها العقلانية ، بل يُشعرك بأن التراكمية المنحازة للقبيلة في إطارها الضيِّق تجاوزت مثيلتها في القناعة بأن مؤسسات المجتمع المدني هي التي يجب أن يكون لها الكلمة الفصل في حل المُشكلات التي تعترضهم .
أعود لكتاب الغذامي الذي أكد على أن القبيلة في ذاتها قيمة ، بينما تكمن المُعضلة في القبائلية التي تمثل العنصرية في سياقاتها المتباينة ، وهذا للأسف ما يُمكن أن نُشخص به الحالة المرضية التي جعلت من الزواج المتفق عليه من قبل الطرفين المعنيين به قضية رأي عام تُحركها العصبية وتُغذيها الأنا المُتضخمة بالأفضلية وقذف الآخر بالنقص ، متناسين - في لحظة غياب العقل - المعيار الذي بُنيت عليها العلاقة الكلية بين الناس وهو « التقوى « وأهملوا - في لحظة طغيان العاطفة - المعيار الأمثل للعلاقة الخاصة وهو « إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه فزوجوه « ، فالفعل الذي تجاذبه المغردون لم يأخذوا في الاعتبار كلا المعيارين ، بل ارتهنوا لصوت القبائلية المتعنصر حول الذات والتعالي على الآخرين .
إن التوقف عند مثل هذه القضايا ووجوب معالجتها أمرٌ لا يقبل إخراجها من سياقها الذي يُهدد التركيبة المُجتمعية ، ويُقوِّض اللُحمة الوطنية ، ويجعلهما في مهبَّ النكوص للقبيلة كمُحرِّك لكل تفاعلاتها ومنطلقاً لإعلاء شأنها ، بل يجب أن نعترف بوجود هذه الظاهرة ونعمل على الحد منها بقوة القانون ؛ لأن الجانب التوعوي على ما يبدو أنه لا يُجدي في ظل سلطوية القبيلة .
القبيلة والقبائلية
تاريخ النشر: 16 أغسطس 2015 01:41 KSA
أستميح المفكر الكبير الدكتور عبد الله الغذامي في استخدام عنوان أحد كتبه عنواناً لهذا المقال الذي أرى أنه يتواءم مع تداعيات قضية أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي في هذين اليومين ، وعكست أن القبيلة لها قصب
A A