Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المعلم.. الأسطورة

* مرَّ على مجتمعنا زمنٌ إذا ذُكر لقب الشيخ، فإنّه ينصرف تلقائيًّا إلى الرائد محمد سرور الصبان، حيث يذكر الأستاذ عزيز ضياء -وهو أحد جيل الروّاد- أن حديثهم كان ينصرف دومًا إلى هذه الشخصية الاجتماعية الف

A A
* مرَّ على مجتمعنا زمنٌ إذا ذُكر لقب الشيخ، فإنّه ينصرف تلقائيًّا إلى الرائد محمد سرور الصبان، حيث يذكر الأستاذ عزيز ضياء -وهو أحد جيل الروّاد- أن حديثهم كان ينصرف دومًا إلى هذه الشخصية الاجتماعية الفريدة، فيقولون جاء الشيخ.. ذهب الشيخ.. سافر الشيخ ... الخ. وبالتوازي مع هذا اللقب كان هناك لقبٌ آخر يتردّد في ميدان آخر، وهو لقب المعلِّم، وكان هو الآخر ينصرف دومًا إلى الرجل الأسطورة محمد بن لادن، الذي عُرف محليًّا وعربيًّا منذ تأسيس هذا الكيان على يد المغفور له الملك عبدالعزيز -رحمه الله- حيث أسندت دولتنا السنيّة له في مرحلة لاحقة عمارة وتوسعة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ولقد عرفتُ رجلين كانا من خلصائه، أو صفوته والذين عملوا معه عن قرب، وهما معالي الشيخ صالح قزاز، والشيخ جعفر بن إبراهيم فقيه، وهذا الآخر كان مساعدًا للشيخ القزاز عند توسعة المسجد النبوي الشريف، وأتذكّر من مقولاته أو كلماته الموجزة «كل قرش صُرف على هذه التوسعة هو مدوَّن». وأشار إلى موضع مكتبته التي تضم كل ما له صلة بتاريخ المدينة المنورة، ورجالاتها، وأزعم أن منزله -رحمه الله- في حي «صيَّادة» الطيب الذكر كان من المنازل النادرة في نضارتها، وترتيبها، وتناسقها الحضاري، وكأنّها بذلك الجمال، وتلك النضارة تعكس صفاء نفسه المطمئنة بكلام الله المنزَّل، والذي كان مع الشيخين الجليلين: حسن الشاعر، وأحمد ياسين خياري -رحمهم الله أجمعين- من أبرز حفظته، وقرّائه في البلدة الطاهرة.
* ويُضاف إلى ما أكرم الله به المعلّم بن لادن من توسعة المساجد الشريفة في مكة والمدينة والقدس بتوجيه ورعاية وإنفاق من حكومتنا الرشيدة، فلقد أُسند إليه كذلك إنشاء خطوط بين المدن والقرى والهجر، ولعلّ أجيالاً متلاحقةً كانت تدرك -مشاهدةً أو سماعًا- ما يلاقيه المسافرون من عنت، وشدّة عند السفر من مكة -شرفها الله- وما جاورها، إلى مدينة الطائف، فتفتّق ذهن المعلّم المعماري -رحمه الله- عن فكرة شق طريق «الكَرَا» الذي جنَّب المسافرين ما يلاقونه من مصاعب، واختصر قطع المسافة إلى زمن قياسي لا يتجاوز نصف ساعة من الزمن، ويشاء الله أن يلقى المعلّم ربّه راضيًا ومطمئنًا على ما قدَّم لوطنه، وهو يشرف بطائرته الخاصّة على سير الأعمال التي أوكلت له عن ثقة وجدارة، ويشاء الله أن تلقى ابنته أم سعد أخيرًا مع بعض أفراد الأسرة ربهم في حادث كان من قضاء الله وقدره وهو اللطيف الخبير. وإن ما يخفف مصاب هذه الأسرة الكريمة ما كتبته الأقلام وخطته عن سيرة الفقيدة وخصوصًا لعطفها على الأيتام والمحتاجين آخذة -رحمها الله- بما جاء في الأثر الشريف: «ما عُبد الله بأفضل من جبر الخاطر».
وأختم هذه السطور التي ليس لها من باعث سوى التذكير بأن المعلم الأسطورة كان مواطنًا مخلصًا لدينه ثم مليكه ووطنه، ومشاركًا في نهضته الحضارية، وسار الأبناء بعد رحيله على الدرب فسلكوه كما عبَّده لهم الراعي والمؤتمن، فكان هذا الحب الذي نثرته الأقلام على الطّرس نثرًا وشعرًا، والدعاء لمن ذهب منهم بالرحمة ولمن بقي بالخاتمة الحسنة.
أختمها بالدعوة الى تدوين سيرة هذا الرائد، فما أحوج أجيال اليوم لمعرفة سيرة رجال أعطوا بإخلاص، وبذلوا بحب وتركوا وراءهم إرثًا إنسانيًّا عظيمًا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store