إثر تراجع أسعار النفط هذا الأسبوع، كَثُر الحديث عن اقتصاد المملكة، وأدلى صندوق النقد الدولي برأي كان له صدى لدى متخصصين وهواة وأدعياء خصخصة وإصلاحات هيكلية. وأُذكِّر القراء بمقالي: (داعش أوروبا)، وفيه شبّهت أفعال الترويكا الغربية بأسلوب (مجموعة إرهابية) لإصرارها على سياسات التقشُّف والخصخصة، واختطافها للاقتصاد اليوناني بوسائل سلبت سيادتها السياسية وعافيتها الاقتصادية.
تاريخ صندوق النقد الدولي حافل بالمآسي التي تُسمَّى إصلاحات هيكلية، ولكنها تهوي باقتصاد مَن يقبلها أو يذعن لها، لأنها حيلة لاستحواذ مصارف أوروبية وأمريكية على أصول الدولة المعنية. بهذه الخلفية أُفسِّر الهجوم الضاري على اقتصاد المملكة، واقتراح جهات للمملكة بفرض ضريبة قيمة مُضافة، لتمويل الإنفاق العام، بينما أسوأ أنواع الضرائب هي هذه الضريبة، إذ تنعكس سلبًا على الطلب الكلي، فضلاً عن أنها ليست مصدر تمويل طالما تُحصَّل بالريال، فحكومة المملكة تحتكر حق إصدار الريال وبه تُنفق، فالآلية أن تصرفه أولاً، ثم يصرفه المواطن ليصبح ما أنفقت الدولة يعود لخزينتها. وضريبة القيمة المضافة تُؤثِّر سلبًا بتقليص القوة الشرائية، وإرسال إشارة للقطاع الخاص بأن الطلب على المنتجات والخدمات في انخفاض، مما يحدّ من التوظيف، وقد يُسرّح العاملون. أما نصح صندوق النقد برفع أسعار الطاقة وعدم زيادة أجور القطاع العام، للأسف مستنسخ من الأيدلوجية الليبرالية التي لا تخدم إلا 1%، هي شريحة أصحاب الأصول والمصارف.
وإن كان لي من رأي ونُصح، فأقترح أن ما تقوم به المملكة في المجال الاقتصادي يُبنى على أساس التوظيف الكامل للاقتصاد المحلي ليُوفِّر الإنفاق العام العيش الكريم لكل مستعد وقادر لأداء عمل، ومقترحي هذا مبني على حقائق حسابية، وليست سياسات أيدلوجية خيالية، تُطالب بتخصيص الدولة وإطلاق يد القطاع الخاص وتقليص النظم الرقابية بالوصفة (اليونانية)، ولهذا من المفارقات أن يشطح البعض ليُطالب بفك ارتباط الريال بالدولار. وللتوضيح أدعو للتأمُّل في علاقة عملة البرازيل بالدولار في منتصف التسعينيات، وكيف أن أسعار السلع كانت تتغيّر يومياً إلى أعلى، وكان ذلك أسوأ سيناريو يحدث لأي مستثمر، لأنه لن يعرف قيمة العملة مقابل الدولار في الغد.
إن تهجم صندوق النقد يُطابق هجومه على اقتصاد دول إفريقية بعد الاستقلال حين شهد اقتصادها نموًا مدهشاً، وبفضل وصفات الصندوق دخلت غرف العناية المركزة، ويماثل أيضًا ما تناولته بمقالي بعنوان: عصر (روجرنومكيس)، حينها تم الإجهاز على اقتصاد نيوزيلندا المزدهر بحيل وشعارات الخصخصة البراقة، ولهذا المملكة لا تحتاج دخول نفق مظلم أو مد يدها لاستجداء القروض من مصارف لا يهمّها إلا العائد، وإملاء الشروط على الضحية.
وطني يهاجم!!
تاريخ النشر: 31 أغسطس 2015 00:52 KSA
إثر تراجع أسعار النفط هذا الأسبوع، كَثُر الحديث عن اقتصاد المملكة، وأدلى صندوق النقد الدولي برأي كان له صدى لدى متخصصين وهواة وأدعياء خصخصة وإصلاحات هيكلية.
A A