* أتيحت لي مع عدد من الإخوة الكُتَّاب والإعلاميين -قبل الغزو الأمريكي البريطاني للعراق- الاجتماع مع المتحدّث الإعلامي باسم وزارة الخارجية البريطاني، وكان برفقته كما أتذكّر السكرتير الأول والمستشار الاقتصادي بالسفارة البريطانية -آنذاك- نيكلوس أبوت، فوجدنا أنفسنا أمام شاب في العشرينيات من العمر، ويتحدث اللغة العربية بطلاقة، وكنّا عندما نلقي عليه الأسئلة بالإنجليزية، وخصوصًا تلك المتّصلة بالموقف المتباين بين رئيس الوزراء -آنذاك- توني بلير، ووزير خارجيته الراحل، والذي استقال فيما بعد روبن كوك Robin-Cook، وكان ذلك الشاب يجيب عن أسئلتنا بالعربية، ولم يكن ذلك غريبًا، فالخارجية البريطانية يعمل بها عدد كبير من المستعربين Arabists، الذين لا يجيدون اللغة العربية فقط، ولكنهم يلمّون إلمامًا كبيرًا بعدد من الجوانب المتّصلة بالشأن العربي سياسيًّا واقتصاديًّا، وكان بعضهم لا يخفي تحمّسه للقضية الفلسطينية. وتبرز في هذا الميدان أسماء مثل الإعلاميين الراحلين كريستوفر مايهو Mayhew، ومايكل آدمز Michael Adams.
* في بلادنا كانت وزارة الداخلية، وبإشراف من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- سبّاقة لاختيار متحدّث للوزارة، وهو اللواء منصور التركي، قد تزامنت هذه الخطوة مع ما شهدته بلادنا من بعض الأعمال والسلوكيات الإرهابية، والتي تتلذذ بمشهد إراقة الدماء، وجز الرؤوس، وحرق الكتب، ونبش القبور، وتدمير الآثار؛ ممّا يجعل خوارج العصور الماضية بجانبهم شيئًا يسيرًا، ثم كانت عملية عاصفة الحزم، وتم اختيار العميد أحمد عسيري، والمجيد للغتين الإنجليزية والفرنسية متحدّثًا باسم التحالف لدعم الشرعية في اليمن، وقد أعطى بأدائه المهني الرفيع انطباعًا إيجابيًّا كبيرًا، إضافة إلى توضيح ما أشكل من القضايا التي ربما تباينت وجهة النظر إزاءها، وخصوصاً أننا نعيش في زمن تتعدّد وتتنوّع فيه وسائل الاتّصال، وذلك يقتضي ضرورة مواكبة العصر، والتعايش مع أحداثه بالطرق التي تضمن وصول المعلومة الصحيحة إلى المشاهد والمستمع داخليًّا وخارجيًّا، وما دمنا موقنين -ولله الحمد- بسلامة وصحة سياساتنا الداخلية والخارجية، وانطلاقها من مبادئ دينية، وارتكازها على أسس وطنية لا جدال حولها منذ تأسيس هذا الكيان على يد المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وسار من بعده أبناؤه البررة على هذا النهج الصريح والمواكب -دومًا- لروح العصر ومقتضياته، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرحه الكثير عن السبب وراء صمت بعض الوزارات المعنية بالشأن الاقتصادي والنفطي والمالي يظل سؤالاً وجيهًا، آخذين في الاعتبار أن ما يجري في الأسواق المالية والنفطية له انعكاساته على جميع دول العالم، ويمس حياة الفرد -ولا استثناء في ذلك- دون أن نغفل أننا عضو هام ومؤسس ومؤثّر في منظمة أوبك، وعملنا دومًا بسياستنا المتوازنة على استقرار تلك الأسواق.
* إضافةً إلى سعي حكومتنا الرشيدة على تجنيب المواطن جميع التقلبات دون أن يشعر أن هناك ما يمس حياته المعيشية، وكان ذلك مدعاة لتعزيز الثقة الطبيعية عند أفراد المجتمع، وخصوصًا عندما تكون هناك منعطفات هامّة في حياة الأمة، وممّا يستدعي سلوك نهج معلوماتي وإعلامي شفّاف من قِبل تلك الوزارات والمؤسسات المختصة هو ما تتعرض له بلادنا من حملات تشويه متعمّدة من قِبل بعض أدوات ووسائل الإعلام الغربي، والمدعوم في كثير من الأحيان إسرائيليًّا وصهيونيًّا.
* وإن التصدّي لمثل هذه الحملات المغرضة يتطلّب إحاطة ومعرفة واسعتين بالأدوات التي تنتهجها تلك المؤسسات الإعلامية الغربية؛ حتى نكون قادرين -بوازع الولاء للوطن- على مقارعتها وردّها، وهذا يتطلّب ويقتضي -أيضًا- الحصول على أكبر قدر من المعلومات الدقيقة، والضرورية التي لا تتوفر إلاّ في حوزة المختصين في تلك المؤسسات الرسمية، والتي لا يتطرق إلى نفوسنا وعقولنا -أبدًا- شك في مصداقيتهم وأهليتهم لما أوكل إليهم من مسؤوليات، وما ائتمنوا عليه من مهام، وما تعلّقه الأمّة والوطن عليهم من أمانٍ وتطلعات.
«نحو نهج معلوماتي وإعلامي شفاف»!!
تاريخ النشر: 01 سبتمبر 2015 00:19 KSA
* أتيحت لي مع عدد من الإخوة الكُتَّاب والإعلاميين -قبل الغزو الأمريكي البريطاني للعراق- الاجتماع مع المتحدّث الإعلامي باسم وزارة الخارجية البريطاني، وكان برفقته كما أتذكّر السكرتير الأول والمستشار الا
A A