صدمت وسائل التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين العالم بصورة مأساوية لطفل سوري لقي حتفه منكبًا على الشاطئ؛ في واحدة من أبشع صور اللا إنسانية التي مُني بها شرقنا العربي في عصره المتنامي عُنفًا، والخالي من كل أبجديات ما دعت إليه الأديان السماوية، التي اتفقت جميعها على حُرمة الإنسان، بعيدًا عن عِرقه أو جنسه، ولكن الواقع المُخزي ضرب بكل هذه التوجيهات عرض الحائط، ومارس قادته ألونًا من التفنن في تعذيب الشعوب، ومصادرة الحقوق، ووصل البعض منهم إلى إهدار كرامتها وهتك عِرضها؛ الأمر الذي أدى إلى تزايد الاحتقان، حتى وصل الوضع إلى الانفجار، وليته لم يصل.
مع الأسف الشديد لم تكن مُخرجات ثورة الربيع العربي ربيعًا ظله وارفًا، بل كانت خريفًا تساقطت أوراقه حتى تعرَّت الشعوب وتكشفت عوراتها وهُجِّرت من أوطانها بعد أن فقدت الأمان، وأضحت لقمة العيش مغموسة بالذل والهوان، وأصبح الخوف على النفس هو القاسم المُشترك بين مكوّنات الشعب، وما حالة سوريا إلا أنموذجًا لهذا التشتت الذي عجز معه معرفة الشعب مَنْ يقوده، فالجيش الحُر لم يُحقِّق أهدافه بعد، والنظام الحاكم لم يَعُد يسيطر على الأرض، وداعش يتنازع في تشكيل دولته احتلال دولتين، وجبهة النصرة تبحث لها عن موقع في رسم خريطة المستقبل السياسي لهذا البلد المنكوب، ومع اختلافهم في الفكر ونمط التعاطي للقضايا، إلاَّ أنهم يتفقون في العنف لمعالجة هذه القضايا، مما يعني أن الصراع صراع قيادة وسيطرة، وليس خدمة تُنقذ البلد من براثن التسلط، وفرض الديمقراطية التي سقطت بعد أن طاحت الأقنعة عن الوجوه التي تبنّتها، وأصبحت في ذاتها أبعد ما يكون عن ممارستها.
إن تكرار مشاهد تشتت الشعب السوري على شاشات التلفزة وتهجيره المُنظَّم للدول المجاورة، ومنها إلى الدول الأوروبية تُمثل «وصمة عار» في جبين التخاذل العربي المُكتفي بالشجب والاستنكار، والوقوف عند المساعدات الوقتية وعلى استحياء؛ فهل من حلٍّ جذري يُعيد هذه الطيور المهاجرة إلى حضن الوطن المُخْتَطَف، ويرد اعتبار الطفل المُسجى جسده الطاهر على شاطئ الحرمان؟!
تشتيت الشعب السوري
تاريخ النشر: 06 سبتمبر 2015 00:49 KSA
صدمت وسائل التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين العالم بصورة مأساوية لطفل سوري لقي حتفه منكبًا على الشاطئ؛ في واحدة من أبشع صور اللا إنسانية التي مُني بها شرقنا العربي في عصره المتنامي عُنفًا، والخ
A A