يبدو أن الزهايمر أصاب الذاكرة الروسية الحالية ؛ حيث نسيت أو تناست المأزق الذي مرَّغ سلفها - الاتحاد السوفيتي آنذاك - في أتون التراب الأفغاني وخرج منه مخذولاً وكان المسمار الأخير الذي دُق في نعش انهيار هذا التجمع الاشتراكي الذي كان يتقاسم السيطرة مع أمريكا على العالم ، أقول هذا لأنه لم يمنعها من التدخل السافر في الشئون الداخلية لدولة تجبَّر حاكمها على شعبها ، وتنكَّر لأمته ، وضرب بكل الأعراف الإنسانية عرض الحائط ، واستخدم لإخماد ثورة الشعب كل الأسلحة المحرمة.
إن مُبرر التدخل الروسي في سوريا هو حماية المدنيين من ممارسات تنظيم داعش الإرهابية على حد تعبير بطريريك الكنيسة الروسية كيريل الذي قال « إن التدخل المسلح ضروري لأن العملية السياسية لن تؤدي إلى أي تحسن ملحوظ في حياة الأبرياء المحتاجين إلى الحماية العسكرية» وإن كان هذا التبرير - شكلاً- مقبولاً من الناحية الإنسانية ؛ إلا أنه على أرض الواقع سيعمل على تأزيم القضية وتدويلها ، لأن الهدف الذي تُخفيه روسيا من هذا العمل العسكري لا يتواءم مع ما بررت له الكنيسة ، بقدر ما هو دعم مطلق لحليفها الاستراتيجي المتمثل في الأسد من جهة ، وإيجاد دور محوري لها في اللعبة السياسية التي تتنازعها القوى العظمى في الشرق الأوسط وحجز موقع في رسم خارطته المزعومة من جهة أخرى.
التضارب الذي وقعت فيه روسيا جراء هذا الفعل المُسْتَنْكر عبّرت عنه المملكة بقولها على لسان مندوبها الدائم في الأمم المُتحدة « لا يمكن للدول أن تزعم قتال إرهاب تنظيم داعش ، بينما تساند إرهاب النظام السوري « فالمنطق هنا يُحتِّم الموضوعية التي لم تلتزم بها روسيا ؛ مما يعني أننا أمام خيارين أحلاهما مُر، فإما قيام حرب إقليمية ذات بعد ديني - سني شيعي - أو نشوب حرب عالمية ذات بُعد يخضع لمصالح - أمريكا وروسيا - اللتين ستتوزعان الأدوار حسب رؤيتهما لأهدافهما من تواجدهما في المنطقة.
زهايمر الروس
تاريخ النشر: 04 أكتوبر 2015 02:08 KSA
يبدو أن الزهايمر أصاب الذاكرة الروسية الحالية ؛ حيث نسيت أو تناست المأزق الذي مرَّغ سلفها - الاتحاد السوفيتي آنذاك - في أتون التراب الأفغاني وخرج منه مخذولاً وكان المسمار الأخير الذي دُق في نعش انهيار
A A