نقطة تحول للمنشآت الصغيرة

وجدت المنشآت الصغيرة أخيرًا نفسها في أحضان هيئة وطنية تُعنى بأمورها، وتذليل العقبات التي تواجهها، وتسهيل إجراءاتها، والتغلّب على العراقيل التي تحاصرها. ذلك التحرك يعتبر القرار الصحيح الذي سيمنح هذه المنشآت الفرصة الكاملة لكي تلعب دورها الطبيعي في التنمية الاقتصادية والوطنية.
المنشآت الصغيرة والتي يعتبرها الاقتصاديون الأكثر عددًا بين المنشآت الاقتصادية التجارية والصناعية إلاَّ أنها ظلّت مساهمتها في الناتج القومي ضئيلة جدًّا، ومعرضة للانهيار السريع. فهي التي تواجه كل التعقيدات والعراقيل في التراخيص، ومراجعة الدوائر الحكومية، واستحالة الحصول على التمويل.
لذلك أصبحت أكبر حاضنة للمخالفين للأنظمة سواء الأنظمة العمالية أو التجارية، فهي تعتبر القطاع الأكبر في مخالفات نظام التستر التجاري طبقًا للفوضى التي يعاني منها هذا القطاع، والتي أتاحت للمخالفين للأنظمة استغلال غياب التنظيم عن المنشآت الصغيرة.
فالتعقيدات والعوائق التي تضعها بعض الجهات الحكومية في وجه المنشآت الصغيرة أجبرت ملاكها على البحث عن وسائل أخرى لتجاوز هذه الأنظمة المعقّدة. وهنا يجب على الهيئة الجديدة أن تكون أكثر معرفة ووعيًا بما تعانيه المنشآت الصغيرة قبل أن تبدأ بسن أنظمتها ولوائحها التنفيذية لكي تكون هذه اللوائح أكثر مصداقية مع نفسها، وأكثر واقعية، وأكثر تلمسًا لاحتياجات ومتطلبات القطاع الذي أنشئت من أجله. ولا يمكن أن تحصل هذه الهيئة على حلول لكل تلك المعوّقات إلاّ من خلال الاستماع لأصحاب الشأن، وهي المنشآت الصغيرة وليقدّموا هم اللوائح التنفيذية بدلاً من الاعتماد على الجهات التي كانت -ولازالت- تعقّد عملهم.
التمويل يبقى أهم العراقيل في وجه تطوّر نشاط المنشآت الصغيرة، وأحسن مجلس الوزراء عندما كلّف صندوق التنمية الصناعية بأن يتولّى إدارة عمليات وإيجاد وسائل لتمويل المنشآت الصغيرة على اعتبار تجربته المميّزة بالتعاون مع البنوك السعودية «كفالة»، والذي يقوم فيه الصندوق بدور الضامن للقروض التجارية والصناعية الصغيرة التي تحصل عليها المنشآت الصغيرة من البنوك المحلية، وهو البرنامج الذي يجب أن يشهد تطوّرًا أكثر خلال المرحلة المقبلة.