حينما بلغني نبأ وفاة الأخ الحبيب السفير والكاتب عبدالله صالح الحبابي، حضرت صورته بكل ما كان يحمله من دماثة خلق، وحسن علاقة إنسانية راقية، وحديث يلذ للسامع أن يتابعه، لِمَا لصاحبه من خفة دم وحضور برقيق الكلام وجميله، ومعلومات ثرية إن تحدث عما يحسنه وتخصص فيه، جمعتني به -رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان- صحبة وفية من رجال كبار، صاحبوني ورفعوني إليهم لما لهم من فيض خلق فاضل، أستاذنا الجليل الكبير خلقًا وعلمًا عبدالله أحمد عبدالجبار، ومعالي الشيخ أحمد زكي يماني وزيرنا المحبوب ومثقفنا الكبير، وكان مجلس أستاذنا يجمع بيننا، ثم يمدنا بصلة متعنا الله بها، وكأن فقيدنا السفير الصديق الصدوق لهما، وصحبته لهما صحبة إخاء ووفاء، وكم سمعنا منه بعض ذكرياته يسوقها بأسلوب أدبي رائع، تحضر فيه اللهجة المكية المحكية المحببة لنا، ورغم خدمته الطويلة في المجال الدبلوماسي لبلاده منذ البداية له حين تخرجه في قسم العلوم السياسية من كلية التجارة، وتقلبه في سفاراتها حول العالم، إلا أنك تحس تواضعه الجم الذي يقربه إليك، وأذكر أني حينما تعرفت عليه لم تمض عليَّ سوى أيام قلائل حتى أحسست أني أعرفه منذ سنين طويلة، وأسعى للقائه حبًا فيه وفي أحاديثه الممتعة، عمله وتخصصه العلمي، وتجارب حياته التي جرب فيها قسوة الحياة ورخاءها أفاده ذلك كله، فكانت شخصيته التي عرفناها ثرية بأخلاقها ورقي سلوكها، وثراء معلوماتها، ووفائها لمجتمعها، وإخلاصه للعمل لبلاده، زامل الرعيل الأول من موظفي وزارة الخارجية، الذين كان يصفهم بأنهم مجموعة متجانسة من الموظفين وكأنهم أسرة واحدة، وزامل رجل منهم أكن له الكثير من المودة هو معالي السيد عمر السقاف، والذي انضم إلى الخارجية بعد تخرجه في الجامعة الأمريكية ببيروت عام 1948م، ولحقه للانتساب إليها الأستاذ عبدالله الحبابي عام 1952م، وقد طاف العالم، فعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الجامعة العربية، وفي إيران، وفي أفغانستان، وفي أوغندا، وختم حياته الدبلوماسية في البرازيل التي أمضى سفيرًا فيها عشر سنوات، عرفته رومانسيًا مُحبًّا، يتعشّق الفنون، مما يضفي على شخصيته هذه الرقة التي عرفناها عنه، والتي علقتنا بمودته، كان آخر مرة رأيته فيها في حفل مؤسسة الفرقان بمناسبة مضي خمسة وعشرين عامًا على إنشائها، والذي حضرناه معًا في لندن، ورأيته بروحه التي تُشعر من حوله أنه في أفضل أحواله، رغم أنه إذ ذاك جاء إلى الحفل وهو على كرسي متحرك.
رحم الله أخانا الحبيب، وغفر له وأسكنه الجنة، وعزاؤنا لكافة أفراد أسرته.
عبدالله الحبابي.. السفير الأديب
تاريخ النشر: 26 نوفمبر 2015 01:07 KSA
حينما بلغني نبأ وفاة الأخ الحبيب السفير والكاتب عبدالله صالح الحبابي، حضرت صورته بكل ما كان يحمله من دماثة خلق، وحسن علاقة إنسانية راقية، وحديث يلذ للسامع أن يتابعه، لِمَا لصاحبه من خفة دم وحضور برقيق
A A