Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الهروب من الواقع إلى الخرافة!

يقول الدكتور مصطفى حجازي في كتابه «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» إنه من الصعب على الإنسان أن يعيش ضحية للقهر والعجز النفسي؛ لأنهما يسببان حالة من عدم الاتزان؛ فيصل الضحية إلى ح

A A
يقول الدكتور مصطفى حجازي في كتابه «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» إنه من الصعب على الإنسان أن يعيش ضحية للقهر والعجز النفسي؛ لأنهما يسببان حالة من عدم الاتزان؛ فيصل الضحية إلى حل ألا وهو التوجّه نحو الخرافة، إذا لم تتوفر له حلول غيرها، فإن الخرافة تعطيه وهم السيطرة على ما هو خارج نطاق احتماله، ومقدرته. ويصل بذلك إلى شيء من التوازن الوجودي.
إن السيطرة الخيالية على الواقع، والتحكّم السحري بالمصير هو آخر خطوط الدفاع ضد ما لا يطيقه العقل البشري، مع شدة القهر والحرمان، وفي هذا طلب للنتائج دون أسبابها، واستبدال للسبب المادي بالغيبي.
وتنتشر هذه الظاهرة في عصور الانحطاط، وضد الفكر النقدي، وهكذا تنتشر فلسفة السحر والشعوذة لخلق بعض من الاطمئنان الوهمي، فتستعمل كأداة لارتزاق المشعوذين، وتنزع من الفقراء القليل الذي يمتلكونه تجاه الخلاص.
وتقيم عوامل السيطرة الخرافية نفس علاقة اتّكال الطفل على والديه، وهي تستبدل بالاتكال على رموز تسيطر على الأخطار العديدة التي تهدد الوجود.
ينشطر الوجود هنا إلى شقين، هما نقيضان -الخير والشر-، فيسقط على المشعوذ كل وجوه الخير والطيبة، ويقع الشر والبخس والسوء على ما لا يرى من جن، وعفاريت يسقط عليهم كل العدوانية المتراكمة، نتيجة الاضطهاد والعجز. فيتحرر الإنسان مِن تأثيرها الداخلي المدمر، ويكون لنفسه شيء من التوازن.
وقد يسقط الإنسان ما يعزو في نفسه من مكوّنات لا واعية، لا يحب أن تخرج إلى المجتمع، وإلاّ تعرّض الضحية إلى إحباط مجتمعي شديد، أو هي تجسيد لمخاوف دفينة، ونظرًا لما تتضمّنه من تهديد على المكانة والوجاهة المجتمعية تسقط على العفاريت.
أرى بدوري أن تعلم السببية، وما ينتج عنه من التحام مع الأسباب المنطقية والخارجة عن نطاق المستحيل أفضل لحياة المجتمع من الهروب الذي لحق به، ومنهجية الفكر إلى أسباب العداوة الداخلية قد تساعد على التخفيف من حدتها، وما ينجم عنه من جنون، وعدم عقلانية قد تؤدّي بصاحبها إلى التوجه نحو الإرهاب.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store