كثر الحديث هذه الأيام عن هيكلة الاقتصاد السعودي وخصوصاً الحد من دعم بعض السلع وتناول كتاب مختصون بالاقتصاد وهواة ومحترفون هذا الجانب ولكن جل الكتابات اتكأت على المخاوف من مؤشرات اضطراب أسواق النفط وأثرها على الإيرادات ،ثم استنتجت ضرورة لجوء الدولة إلى برامج طرح العطاءات على نهج تجربة بناء مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الذي أنشأته شركة تركية وفق آلية سمحت لها بالتشغيل واستعادة أرباحها وفق جدول زمني وخلصت كتاباتٌ لآلية أخرى وهي الإنشاء ثم التشغيل فنقل الملكية والمسئولية للمالك ، ورغم أن هذه برامج تختلف في الدرجة عن رفع الدعم ولكنها عموماً تؤكد خلط وخطل يحدث ويقف شاهداً على عدم الوعي بمفاهيم وآلية التمويل الرأسمالي اليوم فضلاً عن مفاهيم اقتصادية ذات صلة إذ إن أكثر من 95% من المال اليوم يأتي من المصارف الخاصة في هيئة ائتمانات ولهذا تصب الاستثمارات في الادخارات وليس العكس ومن يحاجج أو لا يعرف هذه الجزئية تقتضي الضرورة تجديد معلوماته في هذا الشأن.
إن برامج الإنشاء والتشغيل ونقل ملكية المشروع من البرامج المعروفة وآلية منحها عبر عطاء لأي شركة سواء كانت تركية أو غيرها من البديهيات ،ولكن قبل شروع الشركة في أي عمل استثماري عليها التفكير بتمويله من مصرف وهو إن قبل سيفتح لها إئتماناً ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من المستفيد من عائد التمويل، هل هو القطاع العام والاقتصاد الوطني أم ملاك المصرف ؟ إن كان المصرف فهو بلا جدال مملوك لفئة محدودة في المجتمع مما يجعل الإنشاء والتشغيل ولاحقاً نقل الملكية للقطاع العام أكثر فائدة لمن يمول ولذلك إن مولت المصارف الحكومية أوالصناديق العامة فإن العائد يصب في مصلحة القطاع الأكبر من المجتمع ،مما يجعل للإجراء أهمية وفائدة في ذاته وأن يصبح العائد من التمويل له منافع في اتجاهين تحفيز الاقتصاد الوطني للنمو وتعزيز البنية التحتية .
ومع أن هذا المثال موجز إلا أنه يبين الفرق بين أن نطالب بالهيكلة وبين أن يقودنا وعينا لكشف الشعارات المضللة كما يوضح منافع التمويل عبر مؤسسات عامة محلية مقارنة بالمصارف الخاصة. لأن آلية تكوين المال في النظام الرأسمالي اليوم توضح لماذا تندفع مصارف عالمية مثل غولدمان ساكس وجي بي مورغان وغيرها ، لأنها مؤسسات تمتلك أصولاً هائلة وإمكانات مالية يصعب منافستها في الاستثمار أو تمويل المشاريع ولهذا إن كان لهذا الاستنتاج نصيب من صحة فإن من يقف خلف الشعارات المخاتلة التي تطالب بالهيكلة ورفع الدعم وتفعيل برامج إنشاءات ، إنما يخدم مصالحه على أن إيراد شواهد على نجاح مطار بعينه أو دولة ما كتركيا أو غيرها، لا تبرر الدخول في الهيكلة أو الخصخصة بعد أن عرف العالم ثمارها المرة بل إن مشتقات الخصخصة لا تقل خطراً عنها وقديما قيل أنت لا تجني من الشوك العنب.
لا للهيكلة
تاريخ النشر: 21 ديسمبر 2015 00:26 KSA
كثر الحديث هذه الأيام عن هيكلة الاقتصاد السعودي وخصوصاً الحد من دعم بعض السلع وتناول كتاب مختصون بالاقتصاد وهواة ومحترفون هذا الجانب ولكن جل الكتابات اتكأت على المخاوف من مؤشرات اضطراب أسواق النفط وأث
A A