الإسراف في ممارسة السلوك حتماً سيُعطي نتيجة عكسية ، كما وأن السير مع التيار دون توافر مُحددات تفصل بين ما هو مقبول وما هو مرفوض سيؤدي إلى حصول ردة فعل سلبية ، وما شاهدناه في مدارسنا خلال فترة الاختبارات من « ترف « في التهيئة لأدائها جعلني أقف مذهولاً من المبالغة غير المنطقية في تقديم الخدمات للطلاب أثناء أدائهم لها ، والتي صوَّرت المعلمين وكأنهم « عُمَّال « سيرفس خمسة نجوم ، وتحولت الفصول معها إلى قاعات للبوفيه المفتوح المتحرك الذي يحمل مما لذا وطاب - أكلاً وشُرباً - .
لستُ ضد تطبيق الأساليب التربوية ، بل أنا من أشد المنادين بها ، ولكن دون الإسفاف في تطبيقها ، والوصول بفهمها إلى مرحلة تُخرجها من سياقها الإرشادي إلى التنافسية الممقوتة بين المدارس ؛ مما يُحمِّل ميزانية المدارس عبئاً غير متوافر في مُخصصات صرفها ، أو يقوم المدير بتكليف المعلمين بدفع مبالغ غير مُلزمين بها – فقط – للظهور أمام زائري المدرسة بأن « سعادته « مهتم بنفسيات طلابه بدرجة كبيرة ، ولو تتبعنا « لُب « العملية التعليمية لوجدناها في وادٍ ، وممارساته في التهيئة في واد آخر .
ولعل من المشاهِد التي انتشرت عبر وسائل التواصل لهكذا تهيئة - حتماً لا يرضى عنها رجال التربية-، معلم يدور ببخور العُود على طلابه وما درى أنه من الممكن أن يؤذي طالباً مصاباً بمرض في الصدر ، وآخر يقوم بإطعام طالب من العريكة – كما يتضح لي من الصورة – وكأنه في مزرعة تسمين ، وثالث ابتكر طريقة إبداعية للسير بين طاولات الطلاب في الفصول بما يُشبه العربة ليُقدِّم للطلاب القهوة وتوابعها ، وغير ذلك من المشاهد غير التربوية التي تناقلتها وسائل التقنية ، الأمر الذي يتعارض مع الهدوء الذي تدعو إليه أساليب التربية الحديثة في مثل هذه المواقف ، ولكن يبدو أن « الهياط « اقتحم « مؤسساتنا التربوية « مما يُنذر بممارسات لا ترتبط عضوياً بالتربية في المُستقبل القريب ؛ فهل نتنبه لذلك ؟
فصولنا الدراسية .. بوفيهات مفتوحة
تاريخ النشر: 03 يناير 2016 00:54 KSA
الإسراف في ممارسة السلوك حتماً سيُعطي نتيجة عكسية ، كما وأن السير مع التيار دون توافر مُحددات تفصل بين ما هو مقبول وما هو مرفوض سيؤدي إلى حصول ردة فعل سلبية ، وما شاهدناه في مدارسنا خلال فترة الاختبار
A A