كنا ثلاثة من أبناء الخالة في المرحلة الجامعية نقضي مع أسرتنا صيفاً هادئاً في بيروت على غير العادة ، ومن المؤكد أننا كنا نحمل فكراً تقشفياً آنها! كنا نحلم منذ سنوات برحلةٍ داخل أوروبا نتنقل فيها بالقطارات حاملين خلف ظهورنا حقائب السياح والمغامرين ، وذات نهار بيروتي مشمس وقعت أعيننا على لوحةٍ دعائية عن رحلة سياحية الى إيطاليا بعنوان : «رحلة القديس الحرديني» ، لمعت أعيننا من الرقم المذكور بخطٍ أحمر واضح للعيان : 450 $ دولار أمريكي شامل تذاكر السفر ، السكن ثلاث ليال بفندق ثلاثة نجوم بالإفطار ، وجميع التنقلات . والحقيقة أننا لم نكن نهتم بوسيلة السفر إن كانت جواً أو بحراً وحتى براً بذاك السعر ! وقلنا لأنفسنا إننا اذا أغفلنا زيارة الأماكن الدينية وقمنا بزيارة المعالم السياحية الهامة وحدنا مع حضور إحدى مباريات «الكالتشيو» (الدوري الإيطالي) الهامة ثم عدنا الى الفندق فإن أحداً لن يلاحظ ذلك !
الا أننا عدلنا عن تلك الفكرة لعدة أسباب أهمها أن أحدنا يحمل اسماً مسلماً !
عدنا الى ديارنا ومن هناك بدأنا رحلةً نحاكي بها الرحلة البيروتية من الناحية الاقتصادية لا الدينية، رحلةً لاتنسى في مدرسة هذا العالم ، فعبر التاريخ كانت الرحلات بمثابة المرحلة الجامعية ، وكان السلاطين والملوك يبعثون بأبنائهم الى أصقاع الأرض بصحبة وفدٍ أو ركبٍ فيه الحكيم (الطبيب) ورجل الدين والدليل بكل تأكيد لكي يخوضوا التجارب والمغامرات ويتعاملوا بالدرهم والدينار قبل أن يعودوا الى أوطانهم وينخرطوا في صناعة القرار.
وقد قيل قديماً :
تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ العُلى
وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ
تَفريجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَة
وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ،وَصُحْبَة ُ مَاجِد
للحديث بقية ، الى أن نلتقي
إلى روما..عبر بيروت !
تاريخ النشر: 24 يناير 2016 00:41 KSA
كنا ثلاثة من أبناء الخالة في المرحلة الجامعية نقضي مع أسرتنا صيفاً هادئاً في بيروت على غير العادة ، ومن المؤكد أننا كنا نحمل فكراً تقشفياً آنها!
A A