الماء عصب الحياة، ولا يمكن للكائن الحي استمرارية حياته دون الحصول عليه والاكتفاء منه، وقد عانت هذه البلاد كثيرًا من قلة الأمطار وشح الماء لفترات طويلة، وهناك قصص حقيقية أوردها القرآن الكريم عن قلة مصادر المياه ومنها: قصة سيدنا إبراهيم والسيدة هاجر وابنهما إسماعيل عليهم السلام حيث قال عز وجل على لسان إبراهيم الخليل: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم)..
وكذلك توجيهات النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- بعدم الإسراف في الماء، حيث ذُكر أنه مر بالصحابي الجليل سعد وهويتوضأ فقال: ما هذا السرف يا سعد؟ قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جار..
مسند أحمد.
بلادنا تفتقر للموارد المائية، فهي واقعة في نطاق جفاف وأمطارها قليلة، لا تتجاوز (ملياري متر معكب سنويا)، ومياه آبارنا الجوفية آيلة للنضوب لشدة عمليات السحب عليها، ومعظم مواردها المائية لا تُلبِّي احتياجات السكان في معظم الأوقات، ولذا فهي تحتاج إلى الترشيد.
ومن أهم القطاعات المستهلكة للمياه في بلادنا «الزراعة»، حيث تستنفذ حوالى (85%) من مجمل مواردنا المائية، خاصة زراعة الحبوب ومنها (القمح) التي سعت الدولة جاهدة منذ عام 1410هـ إلى ترشيد التوسع في زراعته واستبدالها بمحاصيل زراعية أقل استهلاكاً للمياه.
ثم جاءت الصناعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه لتُمثِّل حوالى (9%) من مجمل الموارد المائية في المملكة، ثم يأتي دور الاستهلاك البشري للمياه من خلال التجمعات السكانية، وزيادة أعدادها، خاصة في المدن والمحافظات الكبرى التي تستهلك حوالى (6%) من مجمل موارد المياه.
لذا تسعى الدولة جاهدة في اتباع سياسة الترشيد في المجالات الزراعية بتخفيض نسب المياه المستهلكة لبعض المزروعات من الحبوب وغيرها التي تتطلب كميات مياه هائلة لزيادة الإنتاجية لسد احتياجات السكان.
وقد عوّضنا شدة الاحتياج بالبحث عن مصادر مائية جديدة، ومنها تحلية مياه البحر، حيث وجدت الدولة أنه المخرج الوحيد لسد احتياجات السكان، ولذا فنحن مطالبون بالترشيد في جميع قطاعاتنا المستهلكة للمياه، فبالنسبة للزراعة أعتقد أن مهمة الإرشاد الزراعي، رفع درجة الوعي لدى المزارعين في كيفية استخدام الماء، وطرق الري، والأوقات المناسبة للري، واختيار المحاصيل الأقل استهلاكا للمياه، ودعمها، والتأكيد على استخدام طرق ري حديثة (التنقيط)، خاصة مع أصحاب الحيازات الزراعية الواسعة، وإعادة البرامج الإذاعية الزراعية الهادفة، وإعطاء دورات إرشادية قصيرة لعموم المزارعين، وحثهم على حضورها.
أما في الصناعة، فيجب التشديد بأن لا تستخدم المياه المحلاة إلا في صناعات محدودة مثل: المواد الغذائية، والعصائر، وحتى لا يُساء استخدام مياه التحلية في أغراض أخرى مثل تبريد المكائن..
أما بالنسبة للسكان، فنحن نحتاج إلى توعية وتذكير بأهمية الماء، وكيفية الحفاظ عليه، خاصة في المجمعات الكبيرة، وهنا يأتي دور وزارة المياه والكهرباء في توزيع النشرات، والإعلانات الهادفة التي تؤكد على أهمية الماء وعدم الإسراف فيه، وهذا أفضل بكثير من تسجيل الغرامات وفرض العقوبات، فحبذا لواستخدمنا أسلوب الترغيب والتنبيه على المخالف، وإذا تكرر الإسراف فآخر العلاج الكي.
الماء.. تلك الثروة المهدرة
تاريخ النشر: 11 مارس 2016 00:53 KSA
الماء عصب الحياة، ولا يمكن للكائن الحي استمرارية حياته دون الحصول عليه والاكتفاء منه، وقد عانت هذه البلاد كثيرًا من قلة الأمطار وشح الماء لفترات طويلة، وهناك قصص حقيقية أوردها القرآن الكريم عن قلة مصا
A A