Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أبو جلد بمبا

السعودة في قطاع الأعمال هدف إستراتيجي ويسعى مقالي هذا للإسهام بإنجاحها ضمن التحول الاقتصادي المنشود، ولاشك أن ثقافة المجتمع المحلي تحتاج لمن يستوعبها ليضع لها العلاج وليس لمن يستطيع تدبيج الدراسات عنه

A A
السعودة في قطاع الأعمال هدف إستراتيجي ويسعى مقالي هذا للإسهام بإنجاحها ضمن التحول الاقتصادي المنشود، ولاشك أن ثقافة المجتمع المحلي تحتاج لمن يستوعبها ليضع لها العلاج وليس لمن يستطيع تدبيج الدراسات عنها بذهنية أكاديمية غربية اعتادت حشو التقارير بمصطلحات هي أقرب لطريقة نسخ ولصق ، منها لحلول ناجعة وقابلة للتطبيق، ولهذا تقارير بعض مراكز الدراسات الغربية عن التوطين مهما كانت دقتها وجمال شكلها وكبر حجمها يجب عدم الرهان عليها لأنها سراب لن يعالج تحديات ثقافة متجذرة وذات صلة بالتحول الاقتصادي ، وذلك لسبب بسيط وهو أن تغيب ثقافة المجتمع فضلاً عن عدم الإلمام بسلوك الفرد وبتعامله مع غيره وميله للإنتاجية وطريقة عيشه يقود لاستنتاجات خاطئة ، فالفرد السعودي لديه طابعه الثقافي الخاص به سواء في قيادة سيارته وفي عمله وفي تهوره وردود فعله وهناك من يندهش من قيادة بعضنا لسيارته ومخالفته الأنظمة بينما قد ينطبق ذلك على رجل المرور نفسه فقد يكون في بعض الأحيان مخالفاً للأنظمة بما فيها القيادة على الرصيف وعبور الطريق وعدم الوقوف والاشارة حمراء وكيف يشذ المخالف عن القاعدة وهو ابن ذات الثقافة، أليس هو متأثر بذات المجتمع وحامل لثقافته؟ ولهذا لن أبالغ إن انسحب ذلك على ثقافة المقيم الأجنبي فقد يأتي منضبطاً من بلاده كما في حال المقيم الأوربي ذي العيون الخضراء والجلد البمبا فهو عندما يرى ما يجري حوله في بلادنا لا يلبث يقلده وهناك مثل أوربي يقول (إن كنت في روما فقلِّد سلوك أهل روما) ولهذا استيعاب ثقافة الفرد من أهم محاور النجاح لأي دراسة ومتى غابت يصعب على أي تقرير أن يدعي الموضوعية أو أن يكون صائباً في أحكامه فضلاً عن مخاطبة أي تحدٍّ اقتصادي .
الهيكل التنظيمي الذي تمثله أجهزة القطاع العام بالمملكة يحتاج فعلاً لتعزيز وتقوية بحيث يستصحب مفهوم التحول الاقتصادي ولكن لابد من دمج البعد الثقافي ، والثقافة التي أعنيها هي الاهتمام بتفكير الفرد لتطويره لأنه أساس أي تحول اقتصادي، بينما الاعتماد على تقارير (أبو جلد بمبا) لن يحدث التحول المنشود، لأن التحول في الغرب قام عبر عقود من التحولات العميقة في الثقافة الإنتاجية والجدل القوي الذي ولد الهيكل التنظيمي وعمَّق ممارسات الحوكمة والمساءلة والمحاسبة والشفافية فالتحول إذن نتيجة وليس هدفاً ولكي يكون جزءا من ثقافة الفرد وسلوكه لابد أن يبدأ من مرحلة الطفولة بحيث تنقل الأم الواعية المتعلمة لأطفالها وتغرس فيهم معاني تتصل بالأخلاق والإنتاج وثقافة العمل ومعاني الانضباط واحترام الوقت ثم تأتي بعد الأم الأسرة والمجتمع والمنهج المدرسي من الروضة والأساس والمتوسطة وحتى التعليم العالي، ولتكون محصلة هذا كله احترام الأنظمة والانضباط والفعالية في كل مجال.
إن استيراد التقارير الجميلة والرهان عليها بقدرما يبعدنا عن تحقيق التحول الاقتصادي يُغيِّب عنا إصلاح الخلل الثقافي في الفرد فمن يريد إعداد دراسة علمية ومنهجية عن أي قضية، يجب عليه الانخراط في تفاصيل حياة الفرد لاستيعاب سلوكه في الشارع والسوق والمقهى وهو يقود سيارة التاكسي وإلا مهما تم صرف الملايين على الأطروحات الأكاديمية فإنها لن تحقق النجاح ، والحال كذلك لابد لنا من الصبر على التحول الاقتصادي مع الالتزام بخطة بعيدة المدى إذ إن التحول يحدث في المجتمعات بالصبر والمتابعة والتخطيط السليم والتقارير التي تستصحب واقع المجتمع وتستوعبه وليس كما ترشد بعض التقارير التي تعدها مراكز غربية من فنادق خمسة نجوم والنتيجة أنها تهرف بما لا تعرف.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store